responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 222

من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلا وشرعا سميت تلك الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة خلقا سيئا)[1]

ويرد الغزالي على من قصر الخلق على الأفعال بأن الجوارح المؤدية لتلك الأفعال تستوي عندها كل التصرفات سواء كانت حسنة أو قبيحة، ومن ثم فقد تبرز عنها بعض التصرفات الحسنة على سبيل الندرة، أو بباعث الرياء والسمعة، وذلك مناقض للخلق الحسن، ويضرب مثالا على ذلك بالسخاء، فرب شخص خلقه السخاء، ولا يبذل بسبب فقد المال أو لمانع، وآخر خلقه البخل، وهو يبذل بباعث من رياء غيره [2].

ومن هنا فإن الظروف المحيطة مهما تعقدت لا تؤثر في صاحب الخلق الحسن، لأن خلقه هيئة راسخة في نفسه، وقد وصف الله تعالى المؤمنين بذلك في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ (الأحزاب:39) وقوله تعالى: ﴿ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾(المائدة:56)

وعدم القدرة على تصور الأساس الإيماني للخلق الذي جر الغزالي إلى التعامل النفسي معه هو الذي دفع البارون كارادوفو إلى قوله: (إن علم الأخلاق عند الغزالي هو علم نفسي خلقي على الخصوص، ومن الجلي أنه مدين لعلم الأخلاق لدى اليونان قليلا، ولا يكاد يكون أقل من هذا على الراجح اقتباسه شكلا بالتعليم الخلقي المداول لدى النصارى في ذلك الحين)[3]


[1] الإحياء 3/53.

[2] .الإحياء 3/53

[3] البارون كارادوفو، الغزالي ص130.

اسم الکتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست