اسم الکتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 11
صاغه رسول الله
(صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فإنه لا محالة سيضحك على هذه العبارات، ويسخر
منها، وربما يتوهم مثلما توهم المشركون أن قائلها مجنون أو كاهن.
وهكذا، فإن
للبعد المقدس لقراءة القرآن الكريم تأثيره الكبير في فهمه واستيعابه والاستفادة
منه، بخلاف الذي يقرؤه كنص بشري، أو كنص مجهول المصدر، أو كنص غير مقدس، فإنه لن
يستفيد منه شيئا، بل سيرى فيه دعاوى كثيرة، لا يليق لبشر أن يدعيها.
وهذا واضح جدا،
فلو أن الخطاب الذي يقدمه رئيس الجمهورية، والذي هو صاحب القرار الأكبر في دولته،
نسب لبواب أو عامل بسيط لسخر منه، ذلك أن البواب لا يستطيع أن يقرر تلك القرارات
الكبرى التي لا يقررها إلا الكبار.
وهكذا عندما
يقرأ الحداثي أو التنويري النص القرآني بعيدا عن أصله المقدس؛ فإنه يقع لا محالة في
الاعتراض، حتى لو لم يصرح باعتراضه، وكيف لا يعترض، وهو يتوهم أن الذي يقول: {خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا
سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 30 - 34]
مجرد بشر عادي، لا إله هذا الكون جميعا.
أما عندما يقرأ
تلك الآيات الكريمة، باعتبارها وحيا إلهيا، وأن صاحبها هو الله نفسه خالق الإنسان،
وخالق الكون جميعا؛ فإن فرائصه ترتعد عندما يسمعها، مثلما نرتعد عندما نسمع صوت
القاضي، وهو يحكم الأحكام المشددة، بينما نضحك على صوت البواب عندما يقلده فيها،
لأن البواب لا علاقة له بالأحكام القضائية، بخلاف القاضي.
اسم الکتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 11