اسم الکتاب : الطائفيون والحكماء السبعة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 17
قال الحكيم:
هذا من العبودية.. وليس هو العبودية.. لقد أخبر (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
عن أقوام ذوي صلاة وصيام وقراءة.. وأخبر أنهم لا يجاوزون بقراءته حناجرهم، فقال:(يخرج
من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم
يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن
أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)[1] وفي رواية:(لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا
لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل)، وفي رواية:(شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى
من قتلوه)
اشرأب أحدهم
بسيفه وصاح: أراك تدعونا لما تنهانا عنه، فهذا رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
يأمر بقتلهم.. فكيف تنهانا عنه؟
التفت إليه
الحكيم بهدوء، وقال: فأنت تضع نفسك موضع رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)..
فتزعم بأن غيرك من الفئة المارقة، وأنك أنت من الفئة المنصورة.
قال: فكيف
تريدني أن أرى نفسي؟.. أتريدني أن أراها مارقة، فأقتلها؟
قال الحكيم:
إذا رأيتها مارقة، فاقتلها بأسياف الرياضة لتعود إلى عبودية ربها.. فإن طغيانها هو
الذي صور لها أحقيتها وضلال غيرها..
قال الرجل:
ولكني أعين خصومي بذلك على نفسي.. فهم يعتبرونني من المارقين، ويسلون سيوفهم علي
لأجل ذلك.. أفأعين على نفسي؟
قال الحكيم:
بئس من لم يعن غيره على نفسي.. واسمع مني.. واسمعوا مني كلكم.. لو أن كل واحد منكم
نظر إلى نفسه بهذا المنظار، فراح يصحح عبوديته لله.. وراح يتهم نفسه بتجاوزها
لحدها وتدخلها فيما لا يعنيها.. ثم راح يسل سيفه على نفسه