اسم الکتاب : الطائفيون والحكماء السبعة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 119
قال الرجل:
لأن الأنبياء عليهم السلام جبلوا على الرحمة.. وقد أخبر الله تعالى عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أنه كان من فرط حزنه على قومه بسبب عدم إيمانهم
يكاد يقتل نفسه.. قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى
آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]،
وقال: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾
[الشعراء: 3]
قال الحكيم:
ولم كان كذلك؟
قال الرجل:
لحرصه على إيمانهم، وقد قال تعالى يبين ذلك: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]
قال الحكيم:
أرأيتم لو أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) تمكن حينها منهم،
أكان يقيم عليهم جميعا حد الردة، فيقتلهم لشركهم، ولصدهم عن دين الله؟
قال الرجل:
وأنى لنا أن نعرف ذلك.
قال الحكيم:
بلى.. ألم ترووا في الحديث أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
أجاب من سأله: (هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟)، قال: (لقد لقيت من قومك ما
لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد
كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا
بقرن الثعالب فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل،
فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك
الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال،
ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم):
بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا)[1]