المحاضرة فقط، بل علينا أن نبين لولي أمرنا الصالح خطره ليقرر فيه قراره
المناسب..
أخذ الوثيقة، وراح يقرأ فيها، ثم صاح: انظروا كيف يفسر قوله تعالى:
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ
سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾.. إنه لا يرجع فيها إلى قتادة ولا إلى
عكرمة.. ولا يستند إلى السعدي ولا إلى الطبري.. بل هو يعمل عقله المجرد.. اسمعوا
ماذا يقول.. إنه يذكر أن (الأجل أضيف إلى الأمّة، إلى الوجود المجموعيّ للناس، لا
إلى هذا الفرد بالذات، أو ذاك الفرد بالذات. إذاً، هناك وراء الأجل المحدود
المحتوم لكلّ إنسانٍ بوصفه الفرديّ، هناك أجلٌ آخر وميقاتٌ آخر للوجود الاجتماعي
لهؤلاء الأفراد، للأمّة بوصفها مجتمعاً ينشئ ما بين أفراد العلاقات والصلاحيّات
القائمة على أساس مجموعةٍ من الأفكار والمبادئ المسندة بمجموعةٍ من القوى
والقابليّات. هذا المجتمع الذي يعبر عنه القرآن الكريم بالأمّة، هذا له أجلٌ، له
موتٌ، له حياةٌ، له حركةٌ، كما أن الفرد يتحرّك فيكون حيّاً ثمّ يموت. كذلك الأمّة
تكون حيّة ثمّ تموت. وكما أنّ موت الفرد يخضع لأجلٍ ولقانونٍ ولناموس، كذلك الأُمم
أيضاً لها آجالها المضبوطة)
أخذ آخر نص المحاضرة، وراح يتطلع فيها مليا، ثم صاح: ويله.. ثم ويله.. هل
ترون ماذا يقول.. إنه يريد أن ينفي كل ما ورد في السنة من أن القيامة تقوم على
شرار الخلق.. إنه يزعم أن مستقبل البشرية ممتلئ بالسعادة.. وأن الدين سيتحقق
بالصورة الكاملة.. إنه بهذا ينفي الدجال والجساسة.. إنه ينفي كل ما ورد من نبوءات
عن مستقبل البشرية الذين يسود فيه الجهل والظلام.. إنه يريد أن يقنع القارئ بأن في
الخلف من سيكون أفضل من السلف..
أخذ المحاضرة رجل بجانبه، وقال: أرني.. فأنا أكاد أتيقن أنه رافضي مجوسي
ملحد خبيث.
ثم تطلع في المحاضرة قليلا، ثم قال: أجل.. لقد شككت في ذلك منذ البداية..