أن يخوضوا في كل هذا، فيخرج أحدهم على الناس بتفاسير قرآنية فيها طب وصيدلة
وطبيعة وكيمياء، وجغرافيا وهندسة وفلك وزراعة وحيوان وحشرات وجيولوجية وبيولوجيا
وفسيولوجيا وأنثروبولوجيا( ).
ضحك الجميع.. وقال أحدهم: صدقت.. لا فض فوك يا ناصر السنة، وقامع البدعة..
يا من جعلك الله شوك سعدان في حلوق المبتدعة.
ثم التفت للجمع من أصحابه، وقال، وكأنه يخطب على منبر: ألا ترون من الغرابة
أن يخرج تفسير عصري لكاتب صحفي.. يُخرج للناس ما غاب عن النبي الأمي وقومه البدو،
من عصريات التكنولوجيا وحديث الطبيعيات والرياضيات وملاحة الفضاء( ).
قال آخر: المشكلة ليست هنا فقط.. المشكلة أن يتسلل هذا الفهم إلى عقول أبناء
الأمة وضمائرهم، فيُرسِّخ فيها أن القرآن الكريم إذا لم يقدم لهم ما لم يفهمه
النبي الأمي من بيولوجيا وجيولوجيا وكيمياء عضوية وعلم أجنة وتشريح
وأنثروبولوجيا.. فليس صالحاً لزماننا ولا جديراً بأن تسيغه عقليتنا العلمية أو
يقبله منطقنا العصري... هكذا باسم العصرية، نغريهم بأن يرفضوا فهم كتاب الإسلام
بعقلية نبي الإسلام وصحابته، ليفهموه في تفسير عصري من بدع هذا الزمان.. وباسم
العلم، نخايلهم بتأويلات محدثة، تلوك ألفاظا ساذجة صماء عن الذرة والإلكترون
وتكنولوجيا السدود وبيولوجيا الحشرات وديناميكا الصلب وجيولوجيا القمر..
قال آخر: هل رأيتم ما قال الأحمق في كتابه الذي أثار ضده كل المخلصين.. لقد
قال فيه: (ما قام الدين أبدا منعزلا عن الحياة، ولا قام ليعادي العلم بل إنه قام
ليُقدِّم لنا منتهى العلم.. وليقودنا إلى اليقين في مقابل الشك والاحتمال
والترجيح.. جاء ليقول كلمة