لكني لم أكن أتصور أبدا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن..
عندما دخلنا قاعة الاجتماع قدم لنا رئيس الجلسة نصوص المحاضرات، وطلب منا
النظر فيها واحدة واحدة، وإبداء الرأي في مدى صلاحيتها.. ثم ما لبثنا أن بدأنا
نستعرض المحاضرات الواحدة تلو الأخرى.. وقد شرفني أعضاء المجلس العلمي باعتباري
ضيفا على بلدهم أن أقدم لهم المحاضرات وأصحابها ليبدوا آراءهم فيها.. وقد آذاني
ذلك التشريف كثيرا، لأني لم أستطع أن أتفوه بكلمة اعتراض واحدة على الترهات التي
كانوا يطرحونها، والشغب الذي كانوا يثيرونه..
القرآن الكريم.. والعلوم الكونية:
أخذت المحاضرة الأولى، وكان عنوانها (القرآن الكريم.. والعلوم الكونية)،
وأريتها لهم، ثم سلمتهم نسخا من نصها، ثم قلت: هذه محاضرة لطبيب وصحفي( )، وهو
صاحب اكتشافات هائلة في تخصصه، بالإضافة إلى تدينه، واهتمامه بالحقائق العلمية
القرآنية، وقد ألف في ذلك كتبا، كلها عشق وهيام في كتاب الله، وفي الحقائق الجميلة
التي دعا إليها.. وهو في محاضرته هذه يدعو إلى إعادة قراءة القرآن الكريم من خلال
الفتوح العلمية التي فتح الله بها على البشرية، والتي تحقق بها تأويل قوله تعالى:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].. وهو..
قام أحد أعضاء المجلس، وقاطعني بقوة، وقال: دعك من كل هذا الإطراء للدجالين
والمنافقين، حتى لا يحشرك الله معهم.. فهذا الرويبضة الدعي أعرفه جيدا.. إنه من
المنحرفين عن كتاب الله.. إنه من الزنادقة الذين يربطون القرآن بالعلم الحديث..
قال آخر: الذي لا أفهمه، وما ينبغي لي أن أفهمه، هو أن يجرؤ مفسرون محدثون
على