قلت: ومن الذي قال لكم هذا؟ ألم تقرؤوا قول الله تعالى: (﴿يَحْذَرُ
الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي
قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ
أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة:
64، 65]، فالآية الكريمة تدل على أن هؤلاء جهروا بالكفر، ومع ذلك لم يعاقبهم؟
قال: لا.. لقد ذكر أنه عاقبهم.. ألم تقرأ قوله تعالى في الآية بعدها:
﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ
طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾
[التوبة: 66]
قلت: ولكن هذه الآية الكريمة تنص على العقوبة الأخروية، ولا علاقة لها
بالعقوبة الدنيوية، بدليل أن رسول الله لم يعاقب المنافقين.
لم يجد ما يجيبني به، فأطمعني ذلك فيه، فقلت: أنا أعرف أنك تحفظ القرآن
الكريم من صغرك الباكر.
قال: أجل.. لقد حفظته قبل أن يصل سني إلى العاشرة.. ولا أزال أحفظه.. وقد
أهلني ذلك لأن أصير أميرا على هذه الجماعة المجاهدة.. وأنا لا أحفظه فقط، بل أحفظ
كل ما ذكر قتادة وعكرمة ومقاتل بن سليمان وغيرهم من سلفنا الصالح في كل حرف من
حروفه أو كلمة من كلماته.
قلت: ما دمت كذلك، فما قالوا في قوله تعالى: ﴿ ﴿وَقَالُوا
اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ
أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم: 88 - 92] من هؤلاء الذين قالوا هذا القول
العظيم الذي تتفطر له السموات؟
قال: إنهم النصارى بلا خلاف بين المفسرين.. وقد قال ابن عباس، ومجاهد،
وقتادة،