من صغري وأنا مولع بالخرائط بمختلف أنواعها: خرائط الدول والتضاريس
والمناخ.. حتى الخرائط التاريخية أو الجيولوجية التي تصف الأرض في جميع مراحلها..
لكنه لم يكن يخطر على بالي أن يضع البشر في يوم من الأيام خريطة للأحقاد إلى
أن جاء ذلك اليوم الذي استدعاني فيه صديق قديم لي لم أره منذ فترة طويلة.. وقد حدد
لي مكانا لنلتقي فيه.. ومع غرابة المكان إلا أني ذهبت إليه، وبمفردي، لثقتي
المطلقة في هذا الصديق القديم.
لكني ما إن وصلت إلى المكان المحدد حتى أحاطت بي مجموعة مسلحة، وهي تصوب
سلاحها إلى جمجمتي.. فامتلأت رعبا، وتصورت أنهم مثل سائر قطاع الطرق، فصحت فيهم:
فتشوا جيوبي وأمتعتي، وخذوا كل ما تريدون.. اتركوا لي فقط جمجمتي فإن فيها ما لا
يمكن تعويضه بالنسبة لي، وهو لن يفيدكم شيئا.
ما قلت هذا حتى جاء صديقي، وصاح فيهم: اتركوا له جمجمته.. فنحن نريدها..
فأنا أعلم ما يخبئه فيها من أسرار.
التفت لصديقي، وقلت: أهذا أنت؟.. ألم نتفق على أن نلتقي هنا؟
قال: أجل.. وها نحن نلتقي..
قلت: ولكن لم تفعل بي هذا؟.. لم ترسل لي هذه المجموعة لتنشر الرعب في كل
كياني؟ ما كنت أحسبك تحب التمثيل؟
ضحك بصوت عال، وقال: أي تمثيل هذا؟ ألا تزال في جنونك القديم؟
قلت: ولكن.. أتستقبل صديقك القديم بمثل هذا؟
قال: هذه عادتنا في استقبال من نحب.. فلا تقلق، فلن يصيبك منا أذى ما دمت
لينا معنا.