اسم الکتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 201
وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران: 181] وقوله: ﴿وَقَالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64]، فلو كان ما في
التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم - فإن فيها من ذلك ما تنكره
النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات الجهة وتكلم الله بالصوت وخلق آدم
على صورته وأمثال هذه الأمور- فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته كان إنكار
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم لذلك وبيان ذلك أولى من ذكر ما هو دون ذلك، فكيف والمنصوص عنه
موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات
موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة.. والنصارى يشبهون المخلوق بالخالق في صفات
الكمال واليهود تشبه الخالق بالمخلوق في صفات النقص ولهذا أنكر القرآن على كل من
الطائفتين ما وقعت فيه من ذلك. فلو كان ما في التوراة من هذا الباب لكان إنكار ذلك
للهدى من أعظم الأسباب، وكان فعل النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم والصحابةِ
والتابعين لذلك من أعظم الصواب، ولكان النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ينكر ذلك من جنس
إنكار النفاة، فيقول إثبات هذه الصفات يقتضي التجسيم والتجسيد والتشبيه والتكييف
والله منزه عن ذلك. فإن عامة النفاة إنما يردون هذه الصفات بأنها تستلزم التجسيم -
ومن المسلمين وأهل الكتاب من يقول بالتجسيد - فلو كان هذا تجسيماً وتجسيداً يجب
إنكاره لكان الرسول إلى إنكار ذلك أسبق وهو به أحق. وإن كان الطريق إلى نفي العيوب
والنقائص ومماثلة الخالق لخلقه هو ما في ذلك من التجسيد والتجسيم كان إنكار ذلك
بهذا الطريق المستقيم كما فعله من أنكر ذلك بهذا الطريق هو الصراط المستقيم)[1]
هل تدرك سيدي
الخطورة التي يعنيها هذا الكلام.. إنه يقول بصراحة بأن القرآن الكريم لم ينكر على
أهل الكتاب إلا في ذينك الموضعين فقط.. أما ما عداهما فلم ينكر عليهم.. واعتبر عدم
الإنكار دليلا على صحة ما في كتبهم من وصف الله تعالى.