تعبد الله خوفا من ناره، ولا
طمعا في جنته تخالف نص القرآن الكريم، وإن كانت هي بهذا تنتمي إلى مدرستها تماما..
فالمدرسة الصوفية هي التي تعتبر أن الذين يعبدون الله من أجل جنة أو خوفا من نار
إنما يتعاملون مع الله، أو يعبدون الله، عبادة التجار كما أطلقوا عليها. مع أن هذه
العبادة التي يسمونها عبادة التجار هي عبادة رسل الله عليهم صلوات الله وسلامه.. فكيف
يتأتى لواحدة كرابعة العدوية قالوا عنها أنها كانت مغنية، وقالوا عنها أنها كانت
راقصة، وقالوا عنها كلاما كثيرا، كيف تأتى لهذه التي عاشت عمرا في الغناء وفي
الرقص.. كيف يتأتى لها أن تسبق رسول الله k
وأن تسبق رسل الله جميعا في المعرفة بالله والعلم به سبحانه
وتعالى؟)[1]
ثم ساق أبياتها التي هي محل
إعجاب من المؤمنين جميعا، وهي قولها:
أحبك حبين حب الهـــوى
فأما الذي هو حب الهوى
وأما الذي أنت أهل لـــــه
وحبا لأنك أهل لذاكا
فشغلي بذاتك عمن سواكا
فكشفك لي الحجب حتى أراكا
وعلق عليها بقوله: (ما هي هذه
الحجب التي تنتظر رابعة أن تنكشف لها حتى ترى الله، مع أن الله سبحانه وتعالى قال
لموسى عليه السلام حينما قال له: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ
انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: 143]، ولقد اتفقت
الأمة المسلمة الواعية على أنه لا يمكن للبشر أن يروا الله سبحانه وتعالى في
الدنيا لأن الإنسان بحالته هذه، وهو في الدنيا لا يستطيع أن يواجه تجلي الله
سبحانه وتعالى)[2]