وقد علق
الحاكم على هذين الأثرين بقوله: (وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب
إلى نوع من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة،
ويسميها الحشوية، سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه وهو يناظر رجلا، فقال:
الشيخ: حدثنا فلان، فقال له الرجل: دعنا من حدثنا، إلى متى حدثنا، فقال له الشيخ:
(قم يا كافر، ولا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا)، ثم التفت إلينا، فقال: (ما قلت قط
لأحد لا تدخل داري إلا لهذا)[2]
بناء على هذا،
فإن جذور المشكلة في التراث السلفي تكمن في هذه الطائفية المقيتة، ولو أن السلفية
وسلفهم تعاملوا مع الحديث النبوي الشريف كما تعاملت الأمة مع القرآن الكريم لما
كان الأمر بهذه الصورة، ولما وقعوا في تلك الانحرافات الكثيرة.. ذلك أن القرآن
والحديث كلاهما وحي إلهي، وكلاهما مصدر أساسي للدين.. فلم التمييز بينهما؟
ولكن المشروع
الشيطاني في هذه الأمة، والذي لم يستطع أن يمس كتابها بالتحريف كما حرف كتب الأمم
السابقة راح يحارب الكتاب بالحديث، ولينجح في مشروعه اتخذ له من هذه الطائفة
الناجية أمة من الناس تفسر الدين بحسب ما وصلها من روايات اختلط فيها الحابل
بالنابل والطيب بالخبيث والعقل بالخرافة والمقدس بالمدنس.
وسنحاول هنا
باختصار أن نبين الانحرافات الكبرى التي وقع فيها التراث السلفي في تعامله مع
الحديث النبوي الشريف، وقد رأينا من خلال الاستقراء أنها خمسة أخطاء