ومنها أن (الواعظ
الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي، دخل بغداد مع
السلطان السلجوقي مسعود (ما بين سنتي: 515-530هـ)، فجلس للوعظ بجامع القصر ولعن أبا
الحسن الأشعري علانية، وكان يقول: (كن
شافعيا ولا تكن أشعريا، وكن حنفيا ولا تكن معتزليا، وكن حنبليا ولا تكن مشبها)[2]
ومنها أن (الواعظ
المتكلم أبا الفتوح حمد بن الفضل الاسفراييني الأشعري (ت 538هـ)، دخل بغداد سنة 515هـ، وتفرّغ
للوعظ واتخذه وسيلة لإظهار مذهب الأشعري والدعوة إليه، ومهاجمة
خُصومه، وقد مارس ذلك علانية وبالغ في التعصب
للأشعرية والحط على الحنابلة،
فكثُرت بينه وبينهم اللعنات
والفتن، وفي سنة 5ـ21ه رجمه العوام أكثر من مرة في
الأسواق، ورموا عليه الميتات، ولعنوه وسبوه، لمبالغته
في إظهار الأشعرية والدعوة إليها،
فلما سمع بذلك الخليفة
العباسي المسترشد بالله، منعه من الوعظ، وأمر
بإخراجه من بغداد.. لكنه لما تُوفي الخليفة رجع إلى بغداد واستوطنها، وعاد إلى عادته القديمة، فأظهر
الأشعرية وذم الحنبلية، وعادت الفتن واللعنات كما كانت عليه من
قبل، فأُخرج ثانية من بغداد، وأُلزم بالمكوث ببلده)[3]
رابعا ـ التراث السلفي والعقلانية:
مثلما وقف
سلف السلفية ذلك الموقف المتشدد من المتكلمين، فقد
وقف خلفهم والمعاصرون منهم ممن يسمونهم من باب التنابز بالألقاب [عقلانيين]، وقد يسمون بعضهم [قرآنيين] نتيجة دعوتتهم إلى التحاكم
إلى القرآن الكريم عند الخلاف،