اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 339
أما النص
الثاني، فينقل الباحث الأكاديمي السلفي فيه حادثة
أخرى، يمجد فيها سلفه الذين وقفوا بشدة في وجه
المتكلمين، وكيف استثمروا العوام في ذلك كما استثمروا
السلطات الحاكمة، فيقول: (الحادثة
الثالثة: خصام بين الحنابلة والأشاعرة داخل جامع
المنصور ببغداد (سنة: 461ه) انفرد المؤرخ أبو علي ابن البناء
الحنبلي، بذكر هذه الحادثة عن غيره من المؤرخين –الذين طالعت مصنفاتهم-، ومفادها
إن مدرسا أشعريا جلس ذات يوم بجامع المنصور ببغداد، سنة
461هـ، فشرع في التعريض بأهل السنة من الحنابلة وأهل
الحديث، وأشار إلى فضل أبي الحسن الأشعري ومن
وافقه، وأوهم الحاضرين بأن أصحاب الأثر –أي أهل الحديث- يُشبّهون صفات الله تعالى بصفات البشر، فقام إليه بعض أهل الحديث، وأنزله
من على الكرسي، لكنه عاد إليه، فقاموا
إليه ثانية، وكسروا كرسيه، وعوّضوه
برجل منهم[1].. ولم يذكر ابن البناء تفاصيل هذه الحادثة، واكتفى بالعرض الإجمالي لها، وهي تعبير عن الأزمة التي كانت قائمة بين مذهبي السلف والخلف، وهي أيضا محاولة تدخل ضمن مساعي الأشاعرة الرامية إلى
الجهر بمقالتهم، وإثبات ذاتيتهم ولتحدي الحنابلة وأصحاب
الحديث الذين فرضوا الاعتقاد القادري على طوائف بغداد بقوة السلطة، دون أن يجرؤوا على الاعتراض عليه علانية، لكنهم كانوا يتحينون الفرص المناسبة لنصرة مذهبهم
بطرقهم الخاصة التي تناسبهم،
وقد جاءتهم الفرصة الذهبية
التي كانوا ينتظرونها، فعندما تُوفي الخليفة القادر بالله سنة
467ه، كان الوزير السلجوقي نظام الملك (ت 485ه)، قد تولى الوزارة في الدولة السلجوقية، وكان هو أشعري المذهب، تغيّر
حالهم –بدعمه لهم- وتمكّنوا من التعبير عن مذهبهم
علانية، في فتنة ابن القشيري التي أدخلت الأزمة
[1] ابن البناء: يوميات ابن البنا،، نشرها جورج مقدسي، في مجلة مدرسة
الدراسات الشرقية والافريقية، بجامعة لندن مج19 ص 15.
اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 339