اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 327
وأما استعمال الاصطلاحات المنطقية في
مباحث الأحكام الشرعية فمن المنكرات المستبشعة والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية والحمد الله افتقار إلى المنطق
أصلا، وما يزعمه المنطقي للمنطق من أمر الحد
والبرهان فقعاقع قد أغنى الله عنها بالطريق الأقوم والسبيل الأسلم الأطهر كل صحيح
الذهن لا سيما من خدم نظريات العلوم الشرعية، ولقد
تمت الشريعة وعلومها وخاض في بحار الحقائق والدقائق علماؤها حيث لا منطق ولا فلسفة
ولا فلاسفة، ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق
والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشيطان ومكر به) [1]
ولم يكتف ابن
الصلاح بهذه الحملة الشديدة على المنطق، بل راح يحرض السلطان
على المناطقة كما حرضه سلفه على الجهمية والمعتزلة، يقول
في ذلك: (فالواجب على السلطان أعزه الله وأعز به
الإسلام وأهله أن يدفع عن المسملين شر هؤلاء المشائيم ويخرجهم من المدارس ويبعدهم
ويعاقب على الاشتغال بفنهم ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف أو
الاسلام لتخمد نارهم وتنمحي آثارها وآثارهم يسر الله ذلك وعجله، ومن أوجب هذا الواجب عزل من كان مدرس مدرسة من أهل
الفلسفة والتصنيف فيها والإقراء لها ثم سجنه وإلزامه منزله ومن زعم أنه غير معتقد
لعقائدهم فإن حاله يكذبه والطريق في قلع الشر قلع أصوله وانتصاب مثله مدرسا من
العظائم جملة والله تبارك وتعالى ولي التوفيق والعصمة وهو أعلم) [2]
هذه هي فتوى
ابن الصلاح، وقد طبقها ـ كما ذكر ابن تيمية ـ مع
العلامة الكبير أبي الحسن الآمدي (المتوفى 631هـ) بسبب طرحه المسائل العقدية
بطريقة عقلانية، لأن العقيدة لا ينبغي أن تطرح في الرؤية
السلفية إلا عبر الرواية عن كعب اليمني، لا الرواية