اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 31
تعالى، فلهذا
يؤولونها في نفس الوقت الذي ينكرون على غيرهم التأويل.
ومن الأمثلة
على ذلك ما أوردوه في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾
[الفتح: 10]، فقد قال الطبري: (وفي قوله: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ) وجهان
من التأويل: أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة، لأنهم كانوا يبايعون الله
ببيعتهم نبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) والآخر: قوّة الله فوق قوّتهم في نُصرة
رسوله k، لأنهم إنما بايعوا رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) على
نُصرته على العدوّ) [1]
وقال ابن
تيمية: (ومعلوم أن يد النبيّ (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كانت مع أيديهم كانوا يصافحونه ويصفقون
على يده في البيعة، فعلم أن يد الله التي فوق أيديهم ليست هي يد النبيّ (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ولكن الرسول عبد الله ورسوله فبايعهم عن الله
وعاهدهم وعاقدهم عن الله، فالذين بايعوه بايعوا الله الذي أرسله وأمره ببيعتهم،
ألا ترى أن كل من وكل شخصاً بعقد مع الوكيل كان ذلك عقداً مع الموكل ومن وكل
نائباً له في معاهدة قوم فعاهدهم عن مستنيبه كانوا معاهدين لمستنيبه، ومن وكل
رجلاً في نكاح أو تزوج كان الموكل هو الزوج الذي وقع له العقد؟)[2]
وبناء على
هذا الخلط بين المحكم والمتشابه، صار تخبطهم الكبير في هذا الباب العقدي الخطير،
بل صار القرآن الكريم عندهم محلا لتفسيرات غريبة متكلفة، ولو أنهم أعملوا المحكم
واكتفوا بما ورد في القرآن الكريم من أسماء الله الحسنى لما تخبطواذلك التخبط الذي
عبر عنه ابن القيم بقوله: (التشابه والإحكام نوعان: تشابه وإحكام يعم الكتاب كله،
وتشابه وإحكام يخص بعضه دون بعض، فالأول كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً
مُتَشَابِهاً﴾ [الزمر23]وقوله: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ