اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 190
وعلى الواقع بجميع أشكاله.
يقول الشيخ
مخطابا بأدب مخالفيه من سلفية الجمعية وغيرهم، بعد
أن أورد الكثير من النصوص الدالة على استحباب الذكر الجماعي: (وإذا تقرّر لديك ما تقدّم من الترغيب في مجالس الذكر، فقل لي: بالله عليك أين
يوجد هذا الاجتماع المرغب فيه؟،
هل هو في غير البسيطة، أم هو في غير أمّة محمد (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)؟،
أم هو يسمع ولا يرى؟)[1]
وهذا رد مهم
جدا، وهو يدل على مدى فقه الشيخ ابن عليوة، ذلك أن من حكمة الله أن الدين لا يزال قائما يتمثل في
طوائف الأمة جميعا ومذاهبها،
فإذا وجدنا أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) حدثنا عن وجود مجالس الذكر – لا التذكير- فهذا يعني أنها موجودة، فنبحث عن مصداقها الواقعي في الأمة، ولا يوجد مصداق واقعي لهذه المجالس إلا عند الصوفية، لأن غيرهم وإن جلس مجالس العلم والوعظ، واعتبرها مجالس ذكر لم يسلم له، فالذكر مصطلح شرعي له دلالته الخاصة، ولا تنفى الدلالة الخاصة بالدلالة العامة، لأن في ذلك نوع من تمييع المصطلحات الشرعية.
ثم رد الشيخ
على عثمان بن المكي برد آخر أقوى، وهو
ما تحدثه تلك المجالس من وحدة اجتماعية، وألفة روحية تعجز
مجالس العلم عن إحداثها، بل لا نرى أكثر مجالس العلم للأسف لا تحدث
إلا الشقاق والجدال والتناحر والانقسام، يقول الشيخ ابن
عليوة: (وفي ظنّي إنّك احتقرت المنتسبين المجتمعين على الذكر، وإلاّ حسدتهم فيما هم عليه، أليس
وهم المتحابّين الذين يقول فيهم الحقّ سبحانه وتعالى يوم القيامة ويناديهم، فعن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم):
(يقول الله عزّ وجلّ: المتحابّون
[1] ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في
التصوف الإسلامي، ص162.
اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 190