ثم قال
مستدلا بهذا الاستدلال العجيب الذي يخطئ من خلاله قراءة صحيحة متواترة: (فالمسح للرجلين باطل؛ لأن
المشهور من قراءة الآية: الفتح، عطف
على المغسولات، على ﴿وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾
[المائدة: 6] وأدخل الممسوح بين المغسولات من أجل
الترتيب، ولو أخر لفهم أن مسح الرأس يكون بعد غسل
الرجلين) [2]
ثم راح يؤول
النص القرآني الصريح الدال على المسح بصنوف من التأويل التي يحرم على خصومه أن
يستعملوها، فقد قال: (أما
قراءة (وأرجلكم) بالجر فهي صحيحة،
ولكن عنها أربعة أجوبة: الأول أن وجه الجر هنا على المجاورة، وهذه لغة عند العرب، مثل
أن تقول: هذا جحر ضب خربٍ، خربٍ
ليست صفة لضب، إنما هي صفة لجحر، وجحر
مرفوع. ولكن من أجل المجاورة، ومن أجل سهولة النطق جُرّت للمجاورة.. والثاني: أن المراد بالمسح: الغسل، فالغسل يسمى
مسحاً، تقول: تمسحت
بالماء، يعني اغتسلت به، فالمراد
بمسح الرجلين غسلهما، بدليل قراءة النصب.. الثالث: أن المشهور من
القراءتين: قراءة النصب وهنا لا إشكال.. الرابع: أن غسل الرجلين
هو صفة وضوء رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) التي نقلها عنه أصحابه، لم يرد في حديث واحد -ولو ضعيف- أن رسول الله عليه
الصلاة والسلام مسح رجليه، وكذلك ما ثبت ذلك عن أصحابه، بل لما رأى (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
رجلاً في رجله لمعة لم يصبها الماء، أمره بإعادة
الوضوء، وقال عليه الصلاة والسلام: (ويل للأعقاب من النار)[3]؛ لأن صاحبها يغفل عنها، وقد
لا يصيبها الماء وذلك بسبب
[1] التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية (ص: 184)
[2] التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية (ص: 184)