responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 76

 

هكذا يفهم العارفون يوسف، وهكذا أيضا يعرفون سر نجاته من ذلك الإغواء.. ولذلك أيضا لا يستغربون من فعله.. وكيف يستغربون، وهم يعلمون أن يوسف (ع) مثله مثل سائر أنبياء الله وأولياء الله لا يغيب الله عنهم لحظة واحدة.

وكيف يغيب وهم في تلك المرتبة التي عبر عنها رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) فقال: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه)؟

وكيف يعصي الله من يشعر أن الله يراه.. وكيف يعصيه من قلبه في كل لحظة يرى ربه، ويعيش معه؟

بل كيف يعصيه، ومن دونه من الناس ممن لا يصل إلى عشر معشار ما وصل إليه من فضل الله يمكنه أن يتحكم في نفسه في مواضع الإغراء، كما قال (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) عند ذكره للسبعة الذين يظلهم الله بظل كرمه الخاص: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله)[1]؟

هذا هو التفسير القرآني لذلك الموقف العظيم الذي وقفه شاب جميل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى معصية الله.. بعد أن غلقت الأبواب.. وكان هو مجرد عبد من عبيدها لا يملك إلا طاعتها.. وكانت هي فوق ذلك تملك من السلطة ما تقتله أو تعذبه أو تسجنه إن هو رفض طلبها.. ولكنه مع ذلك رفض طلبها، وبكل قوة، بل لم يبد لها أي لون من ألوان القبول..

وبعد أن خلعت كل جلابيب الحياء في مرادوتها له، وحتى يتخلص منها توجه إلى الله تعالى بهذا الدعاء العظيم الذي هو شعار العفة والطهارة: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف:


[1] البخاري 2/ 143، ومسلم 2/ 715 - 716.

اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست