اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 122
[مريم: 57]،
فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم،
فأحب أن يزداد عملا، فأتاه خليل له من الملائكة فقال: إن الله أوحى إلي كذا وكذا،
فكلم لي ملك الموت، فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه، حتى صعد به إلى
السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرا، فكلم ملك الموت في
الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ فقال: هو ذا على ظهري. قال ملك الموت:
فالعجب! بعثت وقيل لي: اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض
روحه في السماء الرابعة، وهو في الأرض؟ فقبض روحه هناك، فذلك قول الله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 57])[1]
وقد ذكر في
رواية أخرى الأعمال التي كان يعملها، والتي كان يرغب في أن تستمر حياته لأجل
القيام بها، وهي ما روي عن ابن عباس أنه قال: (إن إدريس كان خياطا، فكان لا يغرز
إبرة إلا قال: (سبحان الله)، فكان يمسي حين يمسي، وليس في الأرض أحد أفضل عملا منه)[2]
ولسنا ندري
هل هذا وصف لنبي كريم ارتقى في المقامات العالية من العرفان والتحقق، بالإضافة إلى
ما كلف به من وظائف خطيرة، أم هو وصف لإنسان عادي بسيط، لا يستحق كل ذلك الثناء
العظيم الذي وصفه به القرآن الكريم، والذي أمرنا من خلاله بذكره.
بالإضافة إلى
هذا فإن الولاية التي تشكل الركن الأساسي في النبوة تقتضي تسليم
[1] تفسير الطبري (16/72)، وتفسير ابن
كثير (5/ 240).