اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 98
التحديد احتمل الزيادة. وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان. فهو غير
محدود ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزّء) [1]
وهذه النظرة التي اتفق عليها جميع المنزهة بمختلف مناهجهم، هي النظرة التي
يؤيدها العلم في كل أزمانه ومجالاته.. وخاصة العلم الحديث.. فهو يعيش في كل لحظة
في حالة انبهار وحيرة من تلك العجائب التي يكتشفها كل حين .. والتي تبرهن له على
أن صانع هذا العالم ومهندسه أكبر من أن يحد في حيز، أو يكون في مكان، أو يجري عليه
زمان.. لأن من أمهات الحقائق في الفيزياء الحديثة أن المكان والزمان كلاهما
مخلوقان .. ويستحيل على المخلوق أن يتحكم في الخالق.
أما النظرة التجسيمية التي تبنتها المدرسة السلفية ـ وحدها من دون الأمة
جميعا ـ فتسير في اتجاه مختلف تماما.. ولذلك نظرت بعين الريبة لجميع العقلاء
والعرفاء والعلماء.. واتهمت الكل بالجنون والكفر والهرطقة والزندقة.
وهذه النظرة التجسيمية تنطلق من تحديد الله، وتنتهي بوضع المقادير
المرتبطة بطوله وحجمه وكتلته.. وكل ما يتعلق به.. ثم تضع له خارطة كونية تخالف كل
خرائط الدنيا لتتناسب مع المقادير التي رواها لهم كعب الأحبار ووهب بن المنبه ومن
تتلمذ عليهم.
وحتى لا نكون متجنين عليهم، فإننا سننقل كلماتهم، ومن خلال مصادرهم، بل
من خلال مصادر من يعتبرونهم، ويثقون فيهم، وأولهم من يعتبرونه الشيخ الوحيد
للإسلام: ابن تيمية.
فقد نقل ابن تيمية الكثير من النصوص في كتابه [بيان تلبيس الجهمية في
تأسيس بدعهم الكلامية] التي تدل على أن إثباب الحد لله من العقائد الأساسية التي
يقتضيها الإيمان، ومن تلك النقول ما نقله عن الدارمي ـ مقرا له ـ في كتابه (نقض
عثمان بن سعيد على المريسي