responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 94

قلوب العارفين عند تأملهم، وحضورهم، وتفكرهم، تحجبهم عن التأمل والفكرة)[1]

وقد سئل بعضهم عن المعرفة: ما هي؟ فأجاب: (التَحَيَّر، ثم الاتصال، ثم الافتقار، ثم الحَيَرةُ)

وقال قائلهم:

قد تحيَّرتُ فيك خذ بيدي يا دليلاً لِمَنْ تحيَّر فيك

وهذا ليس كلام العارفين فقط.. بل هو كلام العقلاء والفلاسفة والمتكلمين، والذي عبر الغزالي في (المقصد الأسنى) عن رؤيتهم وفلسفتهم في هذا، فقال جوابا على التساؤل حول منهج التعرف على الله: (لمعرفة الله سبحانه وتعالى سبيلان: أحدهما قاصر، والآخر مسدود، أما القاصر فهو ذكر الأسماء والصفات وطريقة التشبيه بما عرفناه من أنفسنا، فإنا لما عرفنا أنفسنا قادرين عالمين أحياء متكلمين، ثم سمعنا ذلك في أوصاف الله عز وجل أو عرفناه بالدليل فهمناه فهما قاصرا.. لأن حياتنا وقدرتنا وعلمنا أبعد من حياة الله عز وجل وقدرته وعلمه، بل لا مناسبة بين البعيدين، وفائدة تعريف الله عز وجل بهذه الأوصاف أيضا إيهام وتشبيه ومشاركة في الاسم لكن يقطع التشبيه بأن يقال ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، فهو حي لا كالأحياء، وقادر لا كالقادرين.. وكأنا إذا عرفنا أن الله تعالى حي قادر عالم فلم نعرف إلا أنفسنا ولم نعرفه إلا بأنفسنا إذ الأصم لا يتصور أن يفهم معنى قولنا ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ ﴾ ولا الأكمه يفهم معنى قولنا إنه بصير، ولذلك إذا قال القائل كيف يكون الله عز وجل عالما بالأشياء؟ فنقول: كما تعلم أنت الأشياء، فإذا قال: فكيف يكون قادرا؟ فنقول: كما تقدر أنت، فلا يمكنه أن يفهم شيئا إلا إذا كان فيه ما يناسبه، فيعلم أولا ما هو متصف به، ثم يعلم غيره بالمقايسة إليه، فإن كان لله عز وجل وصف وخاصية ليس فينا ما يناسبه ويشاركه في الاسم لم يتصور فهمه البتة، فما عرف أحد إلا نفسه، ثم قايس بين صفات الله


[1] اللمع، ص 421.

اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست