اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63
هذا مثال عن الأدلة التي يعتمدها المنزهة في مواجهة المجسمة.. وإلا فإن
القضية من البداهة بحيث لا تحتاج إلى دليل يدل عليها.
وكيف تحتاج إلى الدليل والقرآن الكريم واضح في الدلالة عليها، فالله
تعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]
فهذه الآية الكريمة كافية في الدلالة على استحالة الجهة على الله، وهي
تحصن الأمة من الوقوع فيما وقعت فيه الأمم قبلها من التجسيم، وقد نقل الفخر الرازي
عن بعضهم قوله في مناسبة نزولها لتغيير القبلة: (.. لأن اليهود والنصارى كل واحد
منهم قال: إن الجنة له لا لغيره، فرد الله عليهم بهذه الآية لأن اليهود إنما
استقبلوا بيت المقدس لأنهم اعتقدوا أن الله تعالى صعد السماء من الصخرة، والنصارى
استقبلوا المشرق لأن عيسى عليه السلام إنما ولد هناك على ما حكى الله ذلك.. فكل
واحد من هذين الفريقين وصف معبوده بالحلول في الأماكن ومن كان هكذا فهو مخلوق لا
خالق، فكيف تخلص لهم الجنة وهم لا يفرقون بين المخلوق والخالق)[1]
والله تعالى يذكر في آيات كثيرة أن له معية وحضورا مع كل شيء، وهو ما
يكفي لنفي الجهة عن الله، ومن أمثلتها قوله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ
نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ
سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ
أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 7]، وقوله تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ
مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُم﴾ [النساء
108]، وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي
الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ
فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الحديد
4]، وقوله تعالى: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ
مَعَنَا﴾ [التوبة 40]، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ