وذكر جوابا آخر لذلك، فقال: (وجواب آخر جيد وهو ما رواه إبراهيم بن
الجنيد الختلي في كتاب العظمة بإسناده، عن أنس، أن النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قال: ( إن الله جل اسمه إذا أراد أن ينزل نزل بذاته ) فإن قيل:
فقد روي بضم الياء (ينزل الله ) وإذا كان كذلك، صح التأويل بأنه ينزل من أفعاله
التي هي ترغيب لأهل الخير واستعطاف لأهل العطف قيل: هذا غلط لأنه لا يحفظ هذا عن
أحد من أصحاب الحديث أنه روى ذلك بالضم فلا يجوز دعوى ذلك، والذي يبين بطلان ذلك قوله:
( ألا من يسألني فأعطيه؟ ألا من داع فأجيبه؟ ) وهذه صفة تختص بها الذات دون
الأفعال، وما هذه الزيادة ألا تحريف المبطلين لأخبار الصفات فإن قيل: يحمل قوله: (
ثم يعلوا) المراد به ملائكته قيل: هذا غلط لأنه قال في الخبر: ( ثم يعلوا على
كرسيه ) وليس هذه صفة للملائكة لأن الكرسي مضاف إليه، وكذلك قوله: ( ثم يرتفع ) لا
يصح حمله على الملائكة لأن هاء الكناية ترجع إلى المذكور) [2]
وبناء على كثرة المواطن التي ذكروا فيها نزول الله تعالى من على عرشه،
فقد خشوا أن يخلو العرش منه خلوا مطلقا، ولهذا اختلفوا اختلافا شديدا في حل هذه
المشكلة، وكلامهم فيها يدل على التناقضات الكبيرة التي يعيشها العقل السلفي.
والذي يعنينا منها أشهر الأقوال فيها، وهو ما تتبناه السلفية الحديثة وهو:
أنه ينزل
ولا يخلو منه العرش، وقد انتصر لهذا القول ابن تيمية، وذكر أنه قول جمهور أهل
الحديث[3]، قال: (ونقل ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل في رسالته إلى مسدد، وعن إسحاق
بن راهويه، وحماد بن زيد، وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم)[4].