والعجيب أن ابن تيمية استدل بهذه القصة على دنو الله من خلقه، فقال: (..وقد
جاء أيضاً من حديث وهب بن منبه وغيره من الاسرائيليات قربه من أيوب عليه السلام
وغيره من الأنبياء عليهم السلام. ولفظه الذي ساقه البغوى أنه أظله غمام ثم نودى يا
أيوب أنا الله، يقول أنا قد دنوت منك أنزل منك قريبا، لكن الاسرائيليات
إنما تذكر على وجه المتابعة لا على وجه الاعتماد عليها وحدها)[2]
ثم يعطي ابن تيمية القاعدة التي بنى عليها السلف هذه المسألة، فقال:
(..والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة وهو قول الأشعرى
وغيره من الكلابية فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته... وأما دنوه نفسُه وتقرُّبُه
من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ومجيئه يوم
القيامة ونزوله واستوائه على العرش وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الاسلام المشهورين
وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر)[3]
وبناء على هذا المفهوم للقرب ذكروا أن معنى قرب أهل الجنة من الله هو
القرب الحسي.. ومما رووه في ذلك عن عبد الله بن مسعود قوله: (سارعوا إلى الجمع في
الدنيا فإن الله تعالى ينزل لأهل الجنة كل جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون في
القرب منه على قدر تسارعهم إلى الجمع في الدنيا)[4]
وبناء عليه أيضا فسروا المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به رسوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في قوله: ﴿عَسَى
رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا﴾[الإسراء:٧٩]،
تفسيرا حسيا، فذكروا أن معناه إقعاد الله تعالى لنبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) على العرش، وقد بالغوا في هذا المعنى كثيرا حتى اعتبروا مخالفته