اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125
الألوان والأشكال والخشونة والملاسة وحصول الشعور فيه وعدم حصولها،
فالاختلاف إنما وقع بسبب الاختلاف في الصفات والأعراض، فأما ذوات الأجسام فهي
متماثلة إلا أن العوام لا يعرفون الفرق بين الذوات وبين الصفات، فلا جرم يقولون إن
وجه
الإنسان مخالف لوجه الحمار، ولقد صدقوا فإنه حصلت تلك بسبب الشكل واللون وسائر
الصفات، فأما الأجسام من حيث إنها أجسام فهي متماثلة متساوية، فثبت أن الكلام الذي
أورده إنما ذكره لأجل أنه كان من العوام وما كان يعرف أن المعتبر في التماثل
والاختلاف حقائق الأشياء وماهياتها لا الأعراض والصفات القائمة بها) [1]
إلى آخر رده المفصل، وهو يرينا مدى المعاناة التي يعانيها المنزهة في
إثبات أغراضهم للمجسمة.. وخاصة مع بغضهم الشديد للتحليل العقلي.. فهم لا يريدون من
محاورهم إلا أن يورد الآثار والحكايات التي يتيسر على عقولهم هضمها.
ولهذا نراهم يواجهون المتكلمين أمثال الفخر الرازي وغيره بما سمعوه من
سلفهم من روايات تلقفوها كما يتلقفوا القرآن .. وألغوا بها عقولهم وفطرتهم
وإنسانيتهم.
ومن تلك الروايات التي يكثرون من الاستدلال بها في هذا المقام خصوصا
للدلالة على عدم انتفاء التركيب عن الله ما أوردوه في تفسير قوله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي
أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ
اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ﴾[الأعراف: 143 ]
فقد رووا عن أنس عن النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في قولـه تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
﴾ قال: هكذا، يعني أنه أخرج طرف الخنصر، قال أحمد أرانا معاذ قال: فقال له
حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد، قال: فضرب صدره ضربة شديدة، وقال من
أنت يا حميد؟ وما أنت يا