والحادثة لا حرج في قبولها، لأن الكلام الوارد فيها كلام يهودي، وهو
ممتلئ ـ كعادة اليهود ـ بالتجسيم، لكن الخلاف بين المنزهة والمجسمة في تفسير ضحك
رسول الله a، وتفسير
قراءة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) للآية..
فالمنزهة يرون أن ضحك رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كان لخفة عقول اليهود، ولعدم تقديرهم لله حق قدره.. ولذلك ورد في
أول الآية قوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
يقول الفخر الرازي تعليقا على الرواية ـ نقلا عن الزمخشري صاحب (الكشاف) ـ:
(وإنما ضحك أفصح العرب لأنه لم يفهم منه إلا ما يفهمه علماء البيان من غير تصور
إمساك ولا إصبع ولا هز ولا شيء من ذلك، ولكن فهمه وقع أول كل شيء وآخره على الزبدة
والخلاصة، التي هي الدلالة على القدرة الباهرة، وأن الأفعال العظام التي تتحير
فيها الأوهام ولا تكتنهها الأذهان هينة عليه)[2]
لكن المدرسة السلفية لم تفهم ضحك رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بهذا المعنى، بل فهمت منه أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أقر اليهودي، وأعجب بكلماته، وربما يصورون أنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) استفاد منها معرفة جديدة
بالله.. ولذلك نراهم يرددون هذا الحديث في كل محل.
وعند عرض هذا الحديث على العلم الحديث يتبين لنا مدى ضحالة ما طرحه
اليهودي من معان تجسيمية.. فقد ذكر أن الله تعالى (وضع السموات على إصبع، والأرضين
على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع)،
انطلاقا من أن السموات في حجمها ـ في تصوره ـ تساوي الأرض، ولذلك وضعت السموات
جميعا
[1] صحيح البخاري برقم (7414، 7415، 7451) والمسند (1/429) و2صحيح
مسلم برقم (2786) وسنن الترمذي برقم (3238) والنسائي في السنن الكبرى برقم
(11451).