اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
لذلك فإن العظمة التي يطرحونها قد يصلح ذكرها لبدوي لم يعرف ما يقوله
العلم، وليس له القدرة على التأمل العقلي .. أما أن يصلح مع أصحاب العقول السليمة،
وخاصة من غذي منها بالمعارف والعلوم فإنه يستحيل عليه أن يقبل ذلك.. ولهذا نرى
المدرسة السلفية تميل إلى العوام أكثر من ميلها للعلماء، وتميل إلى أصحاب العقول
المنغلقة أكثر من ميلها لأصحاب العقول المنفتحة.
وكمثال على ذلك هذا الحديث الذي يوردونه في كل محل لبيان عظمة الله، وهو
ما يروونه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
[الزمر: 67]
فمع أن الآية واضحة في أن قدر الله لا يمكن أن يحاط بها.. ولذلك ضرب الله
مثلا لذلك بأن كل شيء في قبضته، وأنه لا يعجزة شيء في الأرض ولا في السماء، وهو
تعبير نستعمله في حياتنا العادية عندما نقول: الأمور في قبضتنا، أو تحت سيطرتنا..
ونحو ذلك.
لكن المدرسة السلفية تفهم من النص غير ذلك تماما، فتورد لذلك حادثة قد
تكون صحيحة ثابتة، ولكنها تسيء فهمها إساءة بليغة.. وسنورد الحادثة، ثم نبين كيف
فهمتها المدرسة السلفية، وكيف فهمها المنزهة من المتكلمين وغيرهم.. ثم نعرضها بعد
ذلك على العلم الحديث ليحكم بينهما.
والحادثة رواها عبد الله بن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله
(صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فقال: يا محمد: إنا نجد أن
الله عز وجل يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء
والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع. فيقول: (أنا الملك)، فضحك رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) حتى بدت نواجذه، تصديقا لقول الحبر،
ثم قرأ رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): ﴿وَمَا
قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102