اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 43
لكن أصحاب السنة المذهبية حرموا الأمة من الاستفادة من هذه المعاني
الجليلة حين اعتبروا كل ذلك شركا وضلالة، وأولوا كل ما ورد في ذلك من النصوص، أو
كذبوها مع ورود الأدلة الكثيرة على صحتها.
ومن أمثلة تلك المواقف موقف ابن تيمية الذي راح في هذا المحل ـ كغيره من
المحال التي لا تتناسب مع منهجه ـ يطلق أيقونته المعهودة في تكذيب النصوص التي لا
تتناسب مع هواه الأموي، فقال في كتابه الذي خصصه لهذا الغرض (قاعدة جليلة في التوسل
والوسيلة): (السؤال به، فهذا يجوّزه طائفة من الناس، ونقل في ذلك آثار عن بعض
السلف، وهو موجود في دعاء كثير من الناس، لكنَّ ما روي عن النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في ذلك كله ضعيفٌ بل موضوع، وليس
عنه حديث ثابت قد يظن أن لهم فيه حجة، إلا حديث الأعمى الذي علَّمه أن يقول:
(أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة)، وحديث الأعمى لا حجة لهم فيه، فإنه
صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وشفاعته، وهو طلب من النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) الدعاء، وقد أمره النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أن يقول: (اللهم شَفِّعْه فيَّ) ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا
له النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
وكان ذلك مما يعد من آيات النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدْعُ لهم النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بالسؤال به لم تكن حالهم
كحاله)[1]
وبما أننا رددنا على هذا بتفصيل في كتابنا [شيخ الإسلام في قفص الاتهام]،
وذكرنا الكثير من الأدلة على تهافت ما ذكره ابن تيمية من عدم صحة ما ورد في هذه
المسألة من نصوص، فسنكتفي هنا بالرد على ما ذكره من ارتباط التوسل بحياته (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وقصر ذلك على صحابته دون
غيرهم من أفراد الأمة، وهو قول يفضي إلى قطع صلة الأمة بنبيها كما ذكرنا ذلك
سابقا.
والرد على هذا ـ أولا ـ بأن موت رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لا يغاير حياته إلا في ناحية واحدة،