اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 23
رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15]، فلم يكن هؤلاء مستوجبين العذاب، وليس
في هذا ما ينفر عن القبول منهم؛ ولهذا لم يذكره أحد من المشركين قادحا. وقد اتفقوا
على جواز بعثة رسول لا يعرف ما جاءت به الرسل قبله من النبوة والشرائع، وأن من لم
يقر بذلك بعد الرسالة فهو كافر، والرسل قبل الوحي لا تعلمه فضلا عن أن تقر به..
قال تعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ [غافر: 15]) [1]
ومثلما دافع عن المعصية، وكونها كمالا في حق الأنبياء، راح يدافع عن
كفرهم، مبينا أن ذلك أيضا كمال في حقهم، فقال: (والرسول الذي ينشأ بين أهل الكفر
الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى وبالنصر
والقهر كما كان نوح وإبراهيم)[2]
وهذا الموقف من ابن تيمية هو نفسه موقف تلاميذه من أهل السنة المذهبية،
فقد قال مشهور صالح آل الشيخ في شرحه للطحاوية المسمى بـ (إتحاف السائل بما في
الطحاوية من مسائل): (القسم الثاني، من جهة الذنوب: الذنوب أقسام: فمنها الكفر
وجائز في حق الأنبياء والرسل أنْ يكونوا على غير التوحيد قبل الرسالة والنبوة..
والثاني من جهة الذنوب، فالذنوب قسمان كبائر وصغائر: والكبائر جائزة فيما قبل
النبوة، ممنوعة فيما بعد النبوة والرسالة؛ فليس في الرسل من اقترف كبيرة بعد
النبوة والرسالة أو تَقَحَّمَها عليهم الصلاة والسلام بخلاف من أجاز ذلك من أهل
البدع)[3]
وسئل هذا السؤال: (أشكل عليَّ قولك: النبي قد يكون على غير التوحيد قبل
الرسالة؟)، فأجاب بقوله: (نعم النبي قد يكون على غير ذلك، فيصطفيه الله - عز وجل -