اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
أما تفسير قومه لذلك، وهو تفسير بديهي عقلي منطقي، فهو أنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بطبعه وجبلته كان
كذلك.. ولذلك آمن الصادقون من قومه بمجرد إخباره (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بنبوته، لأن كل ما فيه يدل عليه..
والعقل يؤيد هذا، لأن الله سبحانه وتعالى صاحب العدالة المطلقة لا يحابي
أحدا، ولا يجامل أحدا، ولا يعطي أحدا ما لا يستحق، كما قال تعالى: الله ﴿
اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: 124]
لكن التفسير المذهبي لذلك يختلف تماما، فقد تصوروا أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لم يكن كذلك بطبعه، ولا
بقدرته على مواجهة تلك البيئة الممتلئة بالانحرافات، وإنما واجهها لأن الله تعالى
خصه من دون الناس بأن نزع حظ الشيطان منه، أو بتعبيرنا المعاصر: نزع الشريحة التي
يقوم الشيطان من خلالها بالتواصل معه.
ولسنا ندري كيف نثبت لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كل تلك الكمالات، ونحن نقول بهذا،
لأن القول بهذا وحده كاف لإخراج رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) من مضمار السباق الذي جعله الله
بين عباده ليرى أحسنهم عملا.. لأن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بهذا الاعتبار يشبه ذلك العداء الكسول
المحتال الذي يتحدى غيره أن يلحقوا به وهو يستعمل المنشطات..
ثم بعد القول بهذا كيف يأمرنا الله تعالى باتخاذه أسوة، لأن أي شخص من
الناس يمكنه أن يقول: يا رب.. كيف تأمرنا بالاقتداء برجل قد أجريب له عملية نزعت
من الشيطان القدرة على التأثير فيه، بينما لم تجر لنا نفس العملية.. فكيف يمكننا
أن نتأسى برجل أوتي ما لم نؤت؟
وقبل أن نناقش هذا نورد الروايات الواردة، وموقف أهل السنة المذهبية
منها، ثم نبين مدى مطابقتها للقرآن الكريم وللسنة النبوية المطهرة.
فمن الروايات الواردة في هذا عن أنس أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كان يلعب مع الصبيان، فأتاه
آت، فأخذه فشق بطنه، فاستخرج منه علقة، فرمى بها، وقال: هذه نصيب الشيطان منك، ثم
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102