اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42
سليمان u لملكة سبأ من مظاهر الملك الذي
أعطاه الله له، فلم يكن غرضه الفخر عليها، وإنما كان غرضه تعريفها بالله، لأنها
انشغلت بالعرش العظيم[1] الذي كان لها عن الله،
فلذلك كان أول ما لاقاها به سليمان u هو عرشها الذي حجبها عن الله، وعن التسليم له، قال تعالى:{ فَلَمَّا
جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ }(النمل:42)
فلما قالت ذلك، وفي غمرة انبهارها
بما رأت أخبرها سليمان u بأنه مع هذا الملك كان مسلما لله، فلم يحجب به عن الله، فقال تعالى
على لسانه[2]:{ وَأُوتِينَا
الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)
فلما رأى سليمان u حاجتها إلى المزيد من الأدلة،
أحضرها إلى الصرح الممرد من القوارير، وقد كان من الجمال بحيث لا يساوي عرشها الذي
شغلها عن الله شيئا بجانبه، وحينذاك لم تملك إلا أن تسلم لله، قال تعالى:{ قِيلَ
لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ
سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
[1] وقد ذكر
القرآن الكريم ذلك، فقال على لسان الهدهد:)إِنِّي وَجَدْتُ
امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (
(النمل:23)
[2] هذا هو
الصحيح، وهو ما قاله مجاهد وسعيد بن جبير، وقد اختاره ابن جرير وابن كثير، لا من
قول ملكة سبأ، بدليل أنها إنما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح، كما قال:(
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ
عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ
إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ( (النمل:44)
اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42