اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 490
شخصية محضة، لا
صلة لها بالعالم الربوبي.
ومنها دراسة نفسيات
المؤمنين به، ذلك أنّ أقرباء المدّعي وبطانته إذا آمنوا به، واتّبعوا دعوته،
وبلغوا فيها مراتب عالية من التقوى والورع، كان هذا دلاًّ على صدق المدعي في ظاهره
وباطنه، وعدم التوائه وكذبه، لأنّ الباطل لا يمكن أن يخفى عن الأقرباء والبطانة.
ومنها أمور أخرى
كثيرة، كالثمار التي أنتجتها دعوته، والعلوم التي خرج بها للناس، وهل تتوافق مع ما
جاءت به العصول التالية أم لا.. وهل تأثر بمعارف عصره، ونقلها مع خطئها أم لا.. كل
ذلك قرائن يمكن من خلالها التعرف على صدق الدعوى.
وهذه القرائن جميعا
وغيرها إذا اجتمعت في مدّعي النبوة، ودعواه الّتي يدّعيها، كانت دليلاً قاطعاً على
صدقه، فإنّ كلّ واحدة من القرائن، وإن كانت قاصرة عن إفادة اليقين، إلاّ أنّها
بمجموعها تفيده.
ولعل أول من
استعمل هذا الأسلوب في جمع القرائن قيصر الروم، ذلك أنه عندما كتب إليه الرسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) رسالة يدعوه فيها إلى اعتناق دينه الّذي أتى به،
أخذ ـ بعد استلامه الرسالة ـ يتأمّل في عبارات الرسول، وكيفية الكتابة، حتى وقع في
نفسه احتمال صدق الدعوى، فأمر جماعة من حاشيته بالتجول في الشام والبحث عمّن يعرف
الرسول عن قرب، ومطّلع على أخلاقه وروحياته، فانتهى البحث إلى العثور على أبي
سفيان وعدّة كانوا معه في تجارة إلى الشام، فأحضروا إلى مجلس قيصر، فراح يسألهم
قائلا: (أيّكم أقرب نسبا لهذا الرّجل؟ الذي يزعم- أنه نبيّ؟ فقال أبو سفيان: أنا
أقربهم نسبا، فقال: ادنوه مني، وقرّبوا أصحابه، فاجعلوهم خلف ظهره ثم قال
لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا الرجل عن هذا الرجل فإن كذبني فكذّبوه، قال أبو
سفيان: فو الله، لولا أن يؤثر عنّي الكذب لكذبت عليه ثم كان أول ما سألني عنه أن
قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قبله؟
قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه ملك قلت: لا، قال: فأشراف النّاس
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 490