اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 212
وقد كان من أبرز
الشخصيات التي تأثر بها دارون عالم الأحياء الفرنسي [لامارك]، الذي كان يرى أن الكائنات
الحية نقلت السمات التي اكتسبتها أثناء حياتها من جيل إلى جيل، وبهذه الصورة تطورت
هذه الكائنات؛ فالزرافات تطورت من حيوانات شبيهة بالبقر الوحشي عن طريق إطالة
أعناقها شيئا فشيئا من جيل إلى جيل عندما كانت تحاول الوصول إلى الأغصان الأعلى
فالأعلى لأكل أوراقها، وبناء على ذلك استخدم دارون فرضية توريث السمات المكتسبة
التي اقترحها لامارك بوصفها العامل الذي جعل الأحياء تتطور.
وكان كل من
لامارك ودارون مخطئا، ذلك أنه لم يكن ممكنا في تلك الفترة دراسة الحياة إلا بواسطة
تكنولوجيا بدائية جدا، وبمستوى غير ملائم أبدا.. ولم تكن هناك مجالات علمية مثل
علم الوراثة وعلم الكيمياء الحيوية، بل حتى اسمهما لم يكن موجودا؛ ومن ثم كان لا
بد أن تعتمد نظريتهما اعتمادا كاملا على قوة مخيلتيهما.
وبينما كانت
أصداء كتاب دارون مدوية، اكتشف عالم نبات النمساوي [غريغور مندل] قوانين الوراثة
سنة 1865 ، وعلى الرغم من أن اكتشافات مندل لم يسمع بها الكثيرون حتى أواخر ذلك القرن،
فإنها اكتسبت أهمية عظيمة في أوائل القرن العشرين الذي شهد ولادة علم الوراثة، وفي
فترة لاحقة، اكتشف تركيب الجينات والكرموزومات، وفي الخمسينيات، أدى اكتشاف تركيب
جزيء (DNA) (الذي يحتوي على المعلومات
الوراثية) إلى إيقاع نظرية التطور في أزمة كبيرة، ويرجع ذلك إلى التعقيد المدهش
للحياة وبطلان آليات التطور التي اقترحها دارون.
وكان حريا بهذه
التطورات أن تؤدي إلى إلقاء نظرية دارون في مزبلة التاريخ، لكن هذا لم يحدث نظرا
لإصرار الفلاسفة الماديين والملاحدة على تنقيح النظرية وتجديدها والارتفاع بها إلى
منابر العلوم.
وبناء على ذلك
حاول مجموعة من العلماء الذين أصروا على ولائهم لدارون أن
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 212