اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29
والعشرين من عمره.. ومن ذلك التاريخ كرس
لابلاس حياته، لاختزال عمليات الكون واحدة تلو الأخرى إلى معادلات رياضية.. وقد كتب
يقول في ذلك: (إن كل تأثيرات الطبيعة ليست سوى نتائج رياضية لعدد قليل من القوانين
الثابتة)
كان يتحدث بتأثر شديد في انتظار انسجام
الحضور معه ليلقي بقنبلته الإلحادية، وعندما رأى الصمت التام، والانسجام الكامل مع
حديثه راح يمهد لها بقوله: لقد كتب في كتابه [عرض لنظام العالم] مقدمة مبسطة غير
ميكانيكية لآرائه، جسد فيها نظريته الشهيرة عن أصل المجموعة الشمسية.. وفسر بها دوران
الكواكب حول محاورها وحول الشمس، ودوران أقمارها، بافتراض وجود سديم أزلي من
الغازات الحارة، أو غيرها من الذرات الدقيقة، يغلف الشمس ويمتد إلى آخر أطراف
المجموعة الشمسية.. وقد برد هذا السديم الدائر مع الشمس شيئاً فشيئاً، وانكمش
مكوناً حلقات ربما كانت شبيهة بالحلقات التي ترى الآن حول زحل.. فلما ازدادت
البرودة والانكماش تكاثفت هذه الحلقات فكونت كواكب، وبمثل هذه الطريقة كونت الكواكب
أقمارها؛ ولعل تكاثفاً شبيهاً بهذا السدم كون النجوم.
سكت قليلا، ليتفرس في وجوه الجمهور المحيط به،
ليلقي القنبلة الإلحادية الأولى، فلما رآهما منسجمة مع حديثه، ولم تبد أي اعتراض،
راح يقول: من المشاهد المهمة التي يغفل عنها الكثير في حياة لابلاس.. ذلك العبقري
العظيم.. هو أنه عندما أهدى نسخة من كتابه (حركة الأجرام السماوية) إلى الإمبراطور
نابليون بونابرت، سأله الأخير عن سبب إغفال ذكر الإله في كتابه الرياضي، فأجابه
(سيدي، لست بحاجة لهذه الفرضية)
قال ذلك، ثم جلس، وصفق له أصدقاؤه الذين
تصوروا أنه قد استطاع بذكائه أن يخلصهم، وأن يوصل الرسالة بكل دقة وموضوعية من غير
أن يوسط لا شكسبير ولا دانتي ولا ديمقريطس.
لكنه ما إن جلس حتى طلب بعض أهل البلدة الحديث،
وقال: ليسمح لي حضرة
اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29