responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 96

قال: ليس في ذلك أي دور.. سأشرح لك المسألة بطرق مختلفة.. وسأخاطبك باعتبارك فيلسوفا.. فلدينا نحن أيضا الكثير من الفلاسفة.. وسأبدا لك بفيلسوف كبير عندنا نطلق عليه ابن سينا.

قلت: أعرفه جيدا.. إنه من كبار الفلاسفة الذين استفاد منهم قومي.

قال: لقد وضع هذا الفيلسوف الكبير برهانا حول هذا سماه [برهان الصديقين].. سماه بذلك لأنه لا يحتاج إلى أي وسائط.. ولذلك اعتبره أشرف البراهين.. لأنّ الأشياء والمخلوقات لم تأتِ فيه واسطة في الإثبات..

قلت: فكيف قرر هذا البرهان؟

قال: لقد انطلق فيه من ظاهرة متفق عليها بين البشر جميعا، وهي ظاهرة الإمكان.. فمن تعقّل معنى الإمكان، ونظر إلى هذا العالَم فسوف يراه موجودًا ممكنًا.. فكل ما فيه يدل على ذلك.. كل ما فيه يدل على أن الوجود ليس من ذاتيّاته.. وأنّه لذلك يحتاج إلى علة خارجية توفر له هذا الوجود.. وهكذا ننتقل إلى صفة أساسية من صفات موجِد هذا العالم، وهي صفة وجوب الوجود التي تعني ذاتية وجوده، وعدم إمكان تعقّله دون وجود.

قلت: هلا وضحت لي أكثر..

قال: لتفهم هذا البرهان تحتاج إلى التوغّل قليلاً وراء الظواهر الطبيعية والحيثيّات المحسوسة للأشياء.. فهذا - ورغم بداهته - لكنّ أذهاننا لم تعتد عليه.. فغالبًا ما نتعرّف إلى الأشياء بواسطة حيثياتها وخصائصها المحسوسة، ثم ننتقل إلى التعميم من خلال عملية انتزاع فكري نزيل فيها الحيثيات المفرّقة بين الأشياء، ونركّز على الحيثيات المشتركة.

ألست ترى أننا في بدء الأمر نتعرّف على الشخص بما له من حيثيّات خاصّة، كطوله وعرضه واسمه وعنوانه ونسبه وما شاكل ذلك.. لكنّنا لن نطلق عليه صفة الإنسانية إلا إذا قارناه بغيره من الأفراد الكثيرين، ولاحظنا جهة الاشتراك بينهم، وهي الناطقية والفكر والنمو

اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست