responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 84

يحولوا عقلا كعقلي درس كل فنون الإلحاد، وتدرب على كل أنواع المحاجة.

***

في بداية نزولي بينهم، لم أشأ ـ كما تدربت على ذلك ـ أن أبادرهم بما عندي من معتقدات، بل رحت أحاول السماع منهم، لأعرف الثغرات التي أدخل إليهم من خلالها.

وقد كنت تعلمت من فنون الديالكتيك، واستفدت من نظرية التطور، والكثير من العلوم الحديثة ما تصورت أنها أسلحة يمكنني أن أواجه بها أي حجة من الحجج التي يدلون بها.. لكني لم أجد مبررا لاستعمال أي معرفة من معارفي، أو حجة من حججي.. فقد كان إيمانهم بالله يستند لركن أوثق من كل الأركان، وسند أعلى من كل الأسانيد.. وهو الفطرة والجبلة الطاهرة التي كان كيانهم قد امتلأ بها، فلم يتلطخ بأوزار المادية، ولم يتدنس بدنس الكبرياء والغرور والعجب الذي أصاب أصحاب الفكر المادي.

فذلك السند العالي يصل بفطرتهم نفسها إلى الله مباشرة من دون أي وسائط من الأدلة والبراهين، وكأنهم تذكروا بمجرد مجيئهم للدنيا قوله تعالى مخاطبا الإنسان في عالم الذر: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]

أذكر أني في بداية دخولي للمدينة زرت مدرسة من مدارسها، وقد كانت تلقن الإلحاد كما تلقن الرياضيات والعلوم.. لكني مع ذلك اصطدمت بتلاميذها، فقد سألت أحدهم عن الله، وعن الأدلة عليه، فقال لي مبتسما: لست محتاجا إلى ذلك..

قلت: أتراك لا تؤمن بالله؟

قال: وكيف لا أؤمن به.. وأعماقي كلها تشعر به.. ووجداني كله يسبح بحمده.

قلت: فما دليلك عليه؟

قال: لقد ذكرت لك أن أعماقي ووجداني هي دليلي عليه.

اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست