اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 38
الإلحاد المطلق
إلى مرحلة الإلحاد النسبي.. فقد صار في نفسي شعور أنه ما دام من المحتمل أن يكون
لهذا الكون بداية، فمن الممكن أن يكون له صانع أخرجه من العدم إلى الوجود بناء على
مبدأ العلية الذي تتفق عليه العقول.
ثم ما لبثت حتى
بدأت نسبة الإلحاد تنقص إلى حد كبير بعد أن التقيت ببعض فلاسفة المسلمين القائلين
بقدم العالم، والذي تعجبت منه حين ذكر لي أنه لا تنافي بين الإيمان بالله، وبين
قدم العالم.. فالعالم ـ حتى لو قيل بقدمه ـ يظل عاجزا فقيرا محتاجا، ولذلك يحتاج
إلى من يعتني به ويرعاه وينظمه ويعطيه من المدد ما يستمر به وجوده[1].
وذكر لي أن أكثر
القائلين بقدم العالم من الفلاسفة كانوا من المؤمنين الموحدين، من أمثال أرسطو
والفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم كثير..
قلت له: لكن كيف
يستقيم الإيمان بالله مع القول بقدم العالم.. فالعالم إن كان قديما، فإنه لا يحتاج
إلى علة توجده.. وبذلك تنتفي ضرورة وجود الإله؟
ابتسم، وقال:
هذا بالنظر المبدئي، أو ببادئ الرأي.. لكن عند التأمل في القضية بعمق تجد أن الأمر
لا علاقه له بذلك.. سأشرح لك ذلك على ضوء الإيمان بالله.. وكيف أن الإيمان بالله
يقتضي القول بقدم العالم.
رحت أستمع له
بكل جوارحي، فقد كان له أسلوب مميز في الكلام يأسر القلوب والعقول أسرا شديدا..
لقد قال لي: أجبني.. لو أراد شخص ما أن يصنع شيئا.. ثم تأخر عن صنعه.. ما ترى
أسباب ذلك؟
قلت: أسباب ذلك
كثيرة.. فيمكن أن تكون المشكلة في عدم توفر المادة.. أو في عدم توفر الوسيلة.. أو
في عدم توفر الإرادة.. أو أسباب أخرى.
[1] اقتبسنا بعض المادة العلمية هنا من مقال
بعنوان: شرح اعتراضات الغزالي على دليل الفلاسفة الأوّل في إثباتهم لقدم العالم،
لطفي خيرالله..
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 38