اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343
قال: سأذكر مثالا على التجارب التي مررت بها، والتي جعلتني
أتحول إلى هذه القناعة.. عندما كنت أعمل جراحاً في أحد المستشفيات، جاءتني ذات يوم
جدة جاوزت السبعين تشكو من شدخ في عظام ردفها، وبعد أن وضعت فترة تحت العلاج أدركت
من فحص سلسلة الصور التي أخذت لها على فترات تحت الأشعة أنها تتقدم بسرعة عجيبة نحو
الشفاء، ولم تمض أيام قليلة حتى تقدمت إليها مهنئاً بما تم لها من شفاء نادر عجيب،
عندئذ استطاعت السيدة أن تتحرك فوق المقعد ذي العجلات، ثم سارت وحدها متوكئة على
عصاها، وقررنا أن تخرج تلك السيدة في مدى أربع وعشرين ساعة وتذهب إلى بيتها، فلم
يعد بها حاجة إلى البقاء في المستشفى.
وكان صباح اليوم التالي هو الأحد، وقد عادتها ابنتها في
زيارة الأحد المعتادة حيث أخبرتها أنها تستطيع أن تأخذها والدتها في الصباح إلى
المنزل لأنها تستطيع الآن أن تسير متوكئة على عصاها.
ولم تذكر لي ابتنها شيئاً مما جال في خاطرها، ولكنها انتحت
بأمها جانباً وأخبرتها أنها قد قررت بالاتفاق مع زوجها أن يأخذا الأم إلى أحد
ملاجيء العجزة لأنهما لا يستطيعان أن يأخذاها إلى المنزل.
ولم تكد تنقضي بضع ساعات على ذلك حتى استدعيت على عجل
لإسعاف السيدة العجوز، ويا لهول ما رأيت.. لقد كانت المرأة تحتضر، ولم تمض ساعات قليلة
حتى أسلمت الروح.
وقد اكتشفت حينها أنها لم تمت من كسر في عظام ردفها،
ولكنها ماتت من انكسار في قلبها، لقد حاولت دون جدوى أن أقدم لها أقصى ما يمكن من
وسائل الإسعاف، وضاعت كل الجهود سدى.
لقد شفيت تلك السيدة من مرضها بسهولة، ولكن قلبها الكسير
لم يمكن شفاؤه برغم ما كانت قد تناولته في أثناء العلاج من الفيتامينات والعقاقير
المقوية وما تهيأ لها من أسباب الراحة،
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343