اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 136
التي قام بها..
وما هي إلا أيام معدودات حتى رأيت الحقائق أوضح من أن أتكلف أي دليل يدل عليها.
وقد شعرت حينها
بمدى صدق أولئك الأولياء الذين كنت أسخر منهم، وأعتبرهم أبعد الناس عن العقل،
بينما كانوا أكثر الناس استعمالا له.. فقد كانوا يرددون كل حين مخاطبين ربهم عز
وجل:
لقد ظهرت فلا تخفي على أحد
***
***
إلا على أكمه لا يبصر القمرا
لكن بطنت بما أظهرت محتجباً
***
***
وكيف يعرف من بالعزة أستترا
***
ما أنهى صاحبنا
حديثه حتى انتشرت أنوار لطيفة على تلك الروضة الجميلة التي اجتمعت فيها كل تلك
النفوس الطاهرة، والأرواح السامية، والعقول الكبيرة، وقد سرى أريج تلك العطور إلى
كل لطائفي، فحلت به الكثير من العقد التي كنت أحاول كل جهدي فهمها، فلا أفهمها.
وحينذاك عرفت أن الله تعالى أقرب إلينا من أنفسنا، وأننا
لوخلعنا حجب الكبرياء والغفلة والغرور والجهل التي تحول بيننا وبينه، فإننا لن
ندرك وجوده فقط، بل ندرك معها عظمته ولطفه وكرمه.. بل فوق ذلك يصبح لنا من العلاقة
به والتواصل معه ما يملأ حياتنا بالسعادة والطمأنينة والسلام.
وأدركت مع ذلك
أيضا غبن أولئك الذين يسارعون لرفض الأدلة والبراهين الدالة على وجود الله وعظمته
دون أن يسمحوا لأنفسهم بلحظة تبصر أو تأمل حتى ترى مدى مصداقية تلك الأدلة.. في
نفس الوقت الذي نراهم فيه يستعملون كل وسائل التحقيق من أجل بعض مصالحهم الزائلة
الباهتة التي لا تساوي شيئا أمام الله.
وحين أدركت هذا
عرفت عزة الله، وأنهم ما حجبوا عنه إلا بسبب حجبه لهم، فهو
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 136