responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 134

المحفوظ وهو سابق على وجوده الجسماني، ويتبعه وجوده الحقيقي، ويتبع وجوده الحقيقي وجوده الخيالي.. أي وجود صورته في الخيال.. ويبتع وجوده الخيال وجوده العقلي.. أي وجود صورته في القلب.

قال: أجل.. وبعض هذه الوجودات روحانية وبعضها جسمانية، والروحانية بعضها أشد روحانية من البعض.. وهذا اللطف من الحكمة الإلهية، إذ جعل حدقتك على صغر حجمها تنطبع صورة العالم والسموات والأرض على اتساع أكنافها فيها، ثم يسري من وجودها في الحس وجود إلى الخيال، ثم منه وجود في القلب.

قلت: وعيت هذا.. لكن لا يزال في نفسي بعض الغموض.

قال: أعلم ذلك.. وسأوضحه لك بهذه الحكاية.. روي في الحكايات أن أهل الصين وأهل الروم تباهوا بين يدي بعض الملوك بحسن صناعة النقش والصور، فاستقر رأي الملك على أن يسلم إليهم صفة لينقش أهل الصين منها جانباً وأهل الروم جانبياً ويرخى بينهم حجاب يمنع اطلاع كل فريق على الآخر ففعل ذلك، فجمع أهل الروم من الأصباغ الغريبة ما لا ينحصر، ودخل أهل الصين من غير صبغ وأقبلوا يجلون جانبهم ويصقلونه، فلما فرغ أهل الروم ادعى أهل الصين أنهم فرغوا أيضاً فعجب الملك من قولهم وأنهم كيف فرغوا من النقش من غير صبغ؟ فقيل: وكيف فرغتم من غير صبغ! فقالوا: ما عليكم ارفعوا الحجاب، فرفعوا وإذا بجانبهم يتلألأ منه عجائب الصنائع الرومية مع زيادة إشراق وبريق، إذ قد صار كالمرآة المجلوة لكثرة التصقيل فازداد حسن جانبهم بمزيد التقصيل.

قلت: إن هذا مثال جميل.. فما تفسيره؟

قال: إن عناية الأولياء بتطهير القلب وجلائه وتزكيته وصفائه حتى يتلألأ فيه جلية الحق بنهاية الإشراق كفعل أهل الصين، وعناية الحكماء والعلماء بالاكتساب ونقش العلوم وتحصيل نقشها في القلب كفعل أهل الروم.

اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست