اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 240
نبيها وإلهها الذي يسبح
الملاحدة بحمده.. بل حصل ذلك، فقد سبح بحمدي الملايين وعشرات الملايين الذين ألغوا
عقولهم وعقول الأنبياء والفلاسفة والأولياء على مدار التاريخ.. لأتحول أنا
أنموذجهم الأعلى، ومثالهم الأسمى.
أما الفلسفة الأولى.. فهي
الفلسفة التي عرضتها لكم.. والتي تفسر الوجود بالمادة البحتة.. وكان لي فيها
أساتذة كثر.. ابتدأوا منذ بدأت هذه الحضارة.. لكن أشهرهم اثنان (أوجست كونت)، و(لودفيج
فويرباخ).. وقد قامت فلسفتهما على سيادة الطبيعة، بل عبادتها.. فالطبيعة هى التى
تنقش الحقيقة فى ذهن الإنسان.. وهى التى توحى بها وترسم معالمها.. هى التى تكون
عقل الإنسان.. والإنسان ـ لهذا ـ لا يملى عليه من ذاته الخاصة.. إذ ما يأتى من (ما وراء الطبيعة) خداع
للحقيقة، وليس حقيقة..ومثله ما يتصوره العقل من نفسه هو ليس إلا وهما وتخيلا للحقيقة،
وليس حقيقة أيضا.
وبناء
على هذه النظرة يكون الدين الذي يعبر عما بعد الطبيعة مجرد خدعة.
وأما
الفلسفة الثانية.. فهي الجدلية .. وقد كان من أساتذتي فيها (فيشته) و(هيجل)..
ربما
لم تفهموا المراد منها، لا عليكم، فقد تعمدت ذلك.. لأني رأيت أنه لا تنال فلسفة من
الفلسفات حظها من الاهتمام حتى تكون فلسفة غريبة، تفسر الأشياء بأنواع من
التعقيد.. حتى يتبارز الكل في محاولة التوضيح والتفسير الذي لا يزيدها إلا تعقيدا،
ولكن ذلك يفيدهم أيضا حتى يبرزوا عقولهم ونفوسهم وأنانيتهم التي هي المنطلق
والغاية.
سأشرح
لكم لم اخترنا الجدل.. لقد اخترناه لسبب بسيط، وهو تفسير وجود المتناقضات فى الكون
والحياة.. ذلك أننا عزلنا الخالق الذي يفعل ما يشاء، ويدبر كونه كما يريد.. ولهذا
احتجنا إلى بدائل عن الإله المدبر صاحب الإرادة الحرة.
لقد
كان المنطق اليونانى القديم، وهو المنطق الصورى ينفى وجود التناقض فى الكون
والحياة، ويقيم تفكيره على أساس أن الشئ ونقيضه لا يمكن أن يجتمعا، فوجود أى شئ هو
ذاته
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 240