responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 214

الأطروحات.. لأنه إذا فني الكون، فقد فني الإنسان بإنجازاته وطموحاته، حتى لو حقق بعض المعنى لنفسه في إنجازاته الجزئية الآنية، لكن لابد أن يأتيه الوقت الذي يرى نفسه بمثابة من يزرع وردة في مزبلة.. لأنه سيموت وتموت نجاحاته، ويصبح عدما، لا قيمة له، ولا إنجاز، ولا معنى بطبيعة الحال.

سكت قليلا، ثم راح يضحك بهستيرية، ويقول مخاطبا بعض من كان في ذلك الجناح: هل تسمعني يا [لامتريه[1]].. لقد رحت تقترح علينا في ذلك المجلس أن ننسى الموت، ونتجاهله، وذكرت لنا أن القلق من الموت لا ينشأ إلا من العقائد الدينية، لما في الآخرة من عقاب.. ومن ثم فإن إلغاءه من الذاكرة من شأنه أن يلغي القلق.

وأنت يا [هولباخ].. لقد طرحت علينا حينها الرؤية الأبيقورية للموت، وأنه لا يخضع للتجربة، ومن ثَمَّ فإنه لا ينبغي أن يمثل أهمية للبشر، لأن المذكور في الأديان عن عواقب الموت لا يمثل قلقًا للملحد.

وأنتم جميعا يا من رحتم تتلاعبون بالحقائق، وتجادلون في اليقينيات.. لقد كنتم تخدعون أنفسكم، وتخدعون عقولكم في الوقت الذي تصورتم أنكم تسخرون فيه من المؤمنين الذي كانوا أكثر منكم طمأنينة، وأسعد منكم حالا.

التفت يبحث في المحيطين به، ثم صاح: أين أنت [كلود أدريان هيلفيتوس].. وأنت يا [دنيسديدرو].. لقد كنتما صادقين مع نفسيكما على الرغم من إلحادكما، فقد اعترفتما بأن النتائج المترتبة على الإلحاد تتسق مع الاكتئاب.

لكنكما كسائر الملحدين رحتما تخدعان نفسيكما بالمخدرات التي تبعدكما عن الواقع وعن جوهر الحقيقة.. كذلك الغبي الذي تصور أنه لإيجاد الراحة والقضاء على القلق


[1] فيلسوف ملحد فرنسي (1709-1751)

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست