responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 194

لها الهدوء والتوازن.. كان يمكنني أن أردد على مسامعكم ما قاله الأنبياء والعقلاء الذين دعو إلى الارتباط بالله، والعيش في جواره، والأمل في لقائه، فالسعادة لا تتحقق بذلك.

لكني لم أفعل ذلك، وإنما رحت إلى مصدر الشقاء، لأحوله إلى مصدر السعادة.. فقد ذكرت لكم أن السعادة لا تتحقق إلا بالتخلص من الله، والتخلص من الخوف ..

أما التخلص من الله، فقد ذكرت لكم أن الله في حال وجوده منشغل بنفسه وبكماله، وأنه لا يعيركم أدنى اهتمام.. فلذلك لا حاجة لكم للخوف منه، ولا الطمع فيه.

أما المخاوف المرتبطة بالموت، فقد رحت أضع لكم بعض الخدع التي تنسيكموه.. فذكرت لكم أنه ليس هنالك ما يدعو إلى الخوف منه.. وقلت لكم عبارتي التي حفظتموها، ورددتها الأجيال المخدوعة: (عندما أوجد لايوجد الموت، وعندما يكون الموت لن أكون موجودا فلم الخوف إذا؟)

ولهذا وقفت من الدين موقفي الذي تعرفونه، والذي طبقتموه بحذافيره من غير أن تميزوا بين الأديان.. لقد رحتم تعتبرون أن الذي يؤمن بالأديان يرتكب خطيئة دينية في الواقع، بينما الذي لا يؤمن بها هو الذي يسلك سبيل الصواب.

بل رحتم ترددون مع [لوكرتيوس[1]] ذلك الأبيقوري المخلص قوله: (إن الدين شر ما بعده شر، وإن الواجب على الإنسان ومهمة الفلسفة الأولى أن تتخلص نهائيا من كل دين، لأن الدين هو ينبوع كل شر)

وعندما راح بعض المتدينين يجادلني في الله، ويذكر لي أدلة وجوده، وأن منها عنايته بعباده، ورحمته بهم، والمتجلية فيما وفره لهم من مرافق، رحت أطرح بديلا لذلك، وتفنيدا له ما سميتموه بـ [معضلة الشر].. تلك المعضلة التي أصبحت دليلكم الأوحد على نفي الله،


[1] يعدّ تيتوس لوكريتيوس كاروس واحداً من كبار الشعراء والفلاسفة الرومان. ويصنّفه بعض الدارسين ضمن الفلاسفة الأبيقوريّين. ولد نحو 99 ق.م. وتبدو المصادر التاريخيّة شحيحة في الإخبار عن تفاصيل حياته وطبيعة شخصيّته.

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست