responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 152

المؤثر يرتبك، بل لعله يخاف ويهلع، وسبب ذلك الخوف ليس الجن أو الشياطين.. فالطفل لا يدرك وجود تلك القوى غير المنظورة أصلا في تلك المرحلة المبكرة من حياته، ولكن سبب ذلك هو الاضطراب النفسي الذي يصيبه نتيجة اختلال المبادئ التي يفهم بها الوجود.

ولهذا كان البحث في العلل قديما قدم الفكر نفسه، فمنذ العصور الفلسفية لليونان نجد أرسطو قد اهتم بدرس العلل، وقسمها إلى علل أربع: المادية، والصورية (الهيولى)، والفاعلية، والغائية[1] .. وقد أثبت بالأدلة العقلية أن الله هو العلة الأولى، وليس معلولا لشيء آخر.

لكني رحت ـ وبدافع الدفاع عن الإلحاد ـ أنكر هذا المبدأ الذي رأيت أن جميع المؤمنين من فلاسفة ورجال دين يعتمدون عليه لإثبات وجود الله.

فقد ذكرت في كتابي الأكبر(بحث في الطبيعة الإنسانية) أن فكرة العلية قائمة على أسس ثلاثة: هي الاتصال [2]، والأسبقية [3]، والارتباط الضروري .. ثم رحت أفند السبية فيهما جميعا.

أذكر جيدا مقولتي في الارتباط الضروري، ومحاولتي لنفيه، فقد عبرت عن ذلك بقولي: (رؤية أي شيئين أو فعلين، مهما تكن العلاقة بينهما، لا يمكن أن تعطينا أ ي فكرة عن قوة، أو ارتباط بينهما، وأن هذه الفكرة تنشأ عن تكرار وجودهما معا، وأن التكرار لا يكشف ولا يحدث أي شيء في الموضوعات، وإنما يؤثر فقط في العقل بذلك الانتقال المعتاد الذي


[1] تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم، 148.

[2] يقصد بالاتصال أن الأسباب والمسببات متصلة ببعضها، وأن الشيء لا يمكن أن يحصل في زمان أو مكان يبْعُد عن زمانه ومكانه بالفعل.

[3] لا يرى هيوم ضرورة أن تكون العلة ـ بحسب الظاهر ـ سابقة على معلولها، بل يراها أمرا يحتمل ( الجدل )، ومع تسليمه أن التجربة في معظم الأحيان تنتصر لأسبقية العلة على المعلول، لكن مبدأ الأسبقية يبقى ـ عنده ـ دائما غير قابل للتدليل بنوع من الاستنتاج أو البرهان !.

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست