responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحدث الفاصل بين الراوي والواعي المؤلف : الرامهرمزي    الجزء : 1  صفحة : 1
§الْمُحَدِّثُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الرَّاوِي وَالْوَاعِي لِلرَّامَهُرْمُزِيِّ -[159]- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 - الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَعَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ اللَّهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ. اعْتَرَضَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَشْنَأُ الْحَدِيثَ وَيُبْغِضُ أَهْلَهُ، فَقَالُوا بِتَنَقُّصِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْإِزْرَاءِ بِهِمْ، وَأَسْرَفُوا فِي ذَمِّهِمْ وَالتَّقَوُّلِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ شَرَّفَ اللَّهُ الْحَدِيثَ وَفَضَّلَ أَهْلَهُ، وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ، وَحَكَّمَهُ عَلَى كُلِّ نِحْلَةٍ، وَقَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ عَلْمٍ، وَرَفَعَ مِنْ ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ وَعُنِيَ بِهِ، فَهُمْ بَيْضَةُ الدِّينِ وَمَنَارُ الْحُجَّةِ، وَكَيْفَ لَا يَسْتَوْجِبُونَ الْفَضِيلَةَ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّتْبَةَ الرَّفِيعَةَ، وَهُمُ الَّذِينَ حَفِظُوا عَلَى الْأُمَّةِ هَذَا الدِّينَ، وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْبَاءِ التَّنْزِيلِ، وَأَثْبَتُوا نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، وَمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ شَأْنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقَلُوا شَرَائِعَهُ، وَدَوَّنُوا مَشَاهِدَهُ، وَصَنَّفُوا أَعْلَامَهُ وَدَلَائِلَهُ، وَحَقَّقُوا مَنَاقِبَ عِتْرَتِهِ، وَمَآثِرَ آبَائِهِ وَعَشِيرَتِهِ، وَجَاؤوا بِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَخْبَارِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَعَبَّرُوا عَنْ جَمِيعِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَظَعْنِهِ وَإِقَامَتِهِ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ، مِنْ مَنَامٍ وَيَقَظَةٍ، وَإِشَارَةٍ وَتَصْرِيحٍ، وَصَمْتٍ وَنُطْقٍ، وَنُهُوضٍ وَقُعُودٍ، وَمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَمَرْكَبٍ، وَمَا كَانَ سَبِيلَهُ فِي حَالِ الرِّضَا وَالسُّخْطِ، وَالْإِنْكَارِ وَالْقَبُولِ، حَتَّى الْقُلَامَةَ مِنْ ظُفُرِهِ، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهَا، وَالنُّخَاعَةَ مِنْ فِيهِ -[160]- أَيْنَ كَانَتْ وِجْهَتُهَا، وَمَا كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ يُحْدِثُهُ وَيَفْعَلُهُ عِنْدَ كُلِّ مَوْقِفٍ وَمَشْهَدٍ يَشْهَدُهُ، تَعْظِيمًا لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْرِفَةً بِأَقْدَارِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ وَأُسْنِدَ إِلَيْهِ، فَمَنْ عَرَفَ لِلْإِسْلَامِ حَقَّهُ، وَأَوْجَبَ لِلرَّسُولِ حُرْمَتُهُ، أَكْبَرَ أَنْ يَحْتَقِرَ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهُ، وَأَعْلَى مَكَانَهُ، وَأَظْهَرَ حُجَّتَهُ وإبَانَ فَضِيلَتَهُ، وَلَمْ يَرْتَقِ بِطَعْنِهِ إِلَى حِزْبِ الرَّسُولِ وَأَتْبَاعِ الْوَحْيِ، وَأَوْعِيَةِ الدِّينِ، وَنَقَلَةِ الْأَحْكَامِ وَالْقُرْآنِ، الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّنْزِيلِ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [سورة: التوبة، آية رقم: 100] فَإِنَّكَ إِنْ أَرَدْتَ التَّوَصُّلَ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْقَرْنِ، لَمْ يَذْكُرْهُمْ لَكَ إِلَّا رَاوٍ لِلْحَدِيثِ، مُتَحَقِّقٌ بِهِ، أَوْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ أَهْلِهِ، وَمَنْ سِوَى ذَلِكَ فَرَبُّكَ بِهِمْ أَعْلَمُ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِ الْعِلْمِ، مِمَّنْ جَلَسَ مَجْلِسَ الرِّيَاسَةِ، وَاسْتَحَقَّهَا لِعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ، لَحِقَهُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ جَفَاءٌ، قَلِقَ عِنْدَهُ، وَغَمَّهُ مَا شَاهَدَ مِنْ عَقْدِ الْمَجَالِسِ وَنَصْبِ الْمَنَابِرِ لِغَيْرِهِ، وَتَكَاثُفِ النَّاسِ فِي مَجْلِسِ مَنْ لَا يُدَانِيهِ فِي عِلْمِهِ وَمَحَلِّهِ، فَعَرَّضَ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي كَلَامٍ لَهُ، يَفْتَتِحُ بِهِ بَعْضَ مَا صَنَّفَ، فَقَالَ: «يُتْرَكُ الْمُحَدِّثُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ مِنْ عُمْرِهِ وَكَانَ مَصِيرُهُ إِلَى قَبْرِهِ قِيلَ عِنْدَ الشَّيْخِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَاكْتُبُوهُ» ، فَلَمْ يَنْقُصْ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ غَيْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ نَفْسِهِ، لِظُهُورِ الْعَصَبِيَّةِ فِيهِ، وَلَأَنَّهُ عَوَّلَ فِي أَكْثَرِ مَا أَوْدَعَهُ كُتُبَهُ وَأَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ عَلَى طَبَقَةٍ لَا يَعْرِفُونَ إلا الْحَدِيثَ، وَلَا يَنْتَحِلُونَ سِوَاهُ، وَهُمْ عُيُونُ رِجَالِهِ، لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ يُذْكَرُ بِالدِّرَايَةِ وَلَا يُحْسِنُ غَيْرَ الرِّوَايَةِ، فَإِلَّا تَأَدَّبَ بِأَدَبِ الْعِلْمِ -[161]-، وَخَفَضَ جَنَاحَهُ لِمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَمْ يُبَهْرِجْ شُيُوخَهُ الَّذِينَ عَنْهُمْ أَخَذَ، وَبِهِمْ تَصَدَّرَ، وَوَفَّى الْفُقَهَاءَ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ، وَلَمْ يَبْخَسِ الرُّوَاةَ حُظُوظَهُمْ مِنَ النَّقْلِ، وَرَغَّبَ الرُّوَاةَ فِي التَّفَقُّهِ، وَالْمُتَفَقِّهَةَ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ بِفَضْلِ الْفَرِيقَيْنِ، وَحَضَّ عَلَى سُلُوكِ الطَّرِيقَيْنِ؟ فَإِنَّهُمَا يَكْمُلَانِ إِذَا اجْتَمَعَا وَيَنْقُصَانِ إِذَا افْتَرَقَا. فَتَمَسَّكُوا ـ جَبَرَكُمُ اللَّهُ ـ بِحَدِيثِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَبَيَّنُوا مَعَانِيَهِ، وَتَفَقَّهُوا بِهِ، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِهِ، وَدَعُوا مَا بِهِ تُعَيَّرُونَ مِنْ تَتَبُّعِ الطُّرُقِ وَتَكْثِيرِ الْأَسَانِيدِ، وَتَطَلُّبِ شَوَاذِّ الْأَحَادِيثِ، وَمَا دَلَّسَهُ الْمَجَانِينُ، وَتَبَلْبَلَ فِيهِ الْمُغَفَّلُونَ، وَاجْتَهِدُوا فِي أَنْ تُوفُوهُ حَقَّهُ مِنَ التَّهْذِيبِ وَالضَّبْطِ وَالتَّقْوِيمِ، لِتَشْرُفُوا بِهِ فِي الْمَشَاهِدِ، وَتَنْطَلِقُ أَلْسِنَتُكُمْ فِي الْمَجَالِسِ، وَلَا تَحْفلوا بِمَنْ يَعْتَرِضُ عَلَيْكُمْ حَسَدًا عَلَى مَا آتَاكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ ذَكَرٌ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا الذُّكْرَانُ، وَنَسَبٌ لَا يُجْهَلُ بِكُلِّ مَكَانٍ، وَكَفَى بِالْمُحَدِّثِ شَرَفًا أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ مَقْرُونًا بِاسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرُهُ مُتَّصِلًا بِذِكْرِهِ، وَذِكْرِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِبَعْضِ الْأَشْرَافِ: نَرَاكَ تَشْتَهِي أَنْ تُحَدِّثَ فَقَالَ: أَوَلَاً أُحِبُّ أَنْ يَجْتَمِعَ اسْمِي وَاسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ. وَحَسْبُكَ جَمَالًا عَصَبَةٌ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَنْ يَلِيهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ، وَأَهْلِ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَالْفُقَهَاءِ وَأَكْثَرِ الْخُلَفَاءِ، وَمَنْ لَا يُدْرِكُهُ الْإِحْصَاءُ، مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالنُّبَلَاءِ وَالْفُضَلَاءِ، وَالْأَشْرَافِ وَذَوِي الْأَخْطَارِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُسَمِّيهِمُ الْحَشْوِيَّةُ وَالرَّعَاعُ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُمْ أَغْثَارٌ وَحَمَلَةُ أَسْفَارٍ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

اسم الکتاب : المحدث الفاصل بين الراوي والواعي المؤلف : الرامهرمزي    الجزء : 1  صفحة : 1
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست