اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 93
الجبار القهار
إلهي.. أيها الجبار القهار الذي أعطى
لعباده كل أنواع الفضل والكرامة، فجبر بذلك كسرهم، وقهر بذلك كل ما يؤذيهم، ومن
يؤذيهم.
يا رب.. عندما أقرن بين أسمائك الحسنى
التي تجتمع فيها كل أنواع الرحمة واللطف والعفو والمغفرة، مع أسمائك التي يجتمع
فيها القهر والغيرة والجبروت.. أشعر بالسعادة العظمى.. فأنت الكامل الذي تجتمع فيه
كل صفات الكمال.. فالذي تقتصر صفاته على الرحمة واللطف، ثم لا ينتقم من المتجبرين
المتكبرين، ولا يعاقب من يتحدى حدوده، ولا يجازي من يظلم عباده ضعيف لا يستحق أن
يكون إلها.. وهو برحمته المستكبرين يكون قاسيا على المستضعفين، وبرحمته للمتجاوزين
لحدوده يكون دافعا لتجاوزها.
يا رب.. لقد رأيت من عبادك من يأنف بك
عن مثل هذه الصفات، ويتوهم أن كمالك في إتاحة كل أنواع الحرية للتجبر والتكبر
والغطرسة والظلم، ثم لا يجازى أصحابها بعد كل جرائمهم إلا بالجنان والنعيم..
يا ليت شعري.. كيف يفكر هؤلاء.. وهم
الذين تثور ثائرتهم، ويوجهون جام غضبهم لمن انتهك حرمتهم بكلمة.. ويعتبرون غضبهم
كمالا فيهم.. ويتهمون من انتهك عرضه ولم يغضب بالدياثة والبلادة.. لكنهم إن أتوا
إليك فرضوا عليك أن تكون بتلك الصفات التي أنفوا منها.
ولو أنهم ـ يا رب ـ قلبوا طرفهم في
الكون حولهم لوجدوا أن كمالك في توفر كلا الصفتين: الجلال والجمال.. والرحمة
والقهر.. واللطف والانتقام.
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 93