اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 49
قدس الأقداس
إلهي.. أيها القدوس الذي لا تدركه
الأبصار، ولا الأوهام، ولا الخيال، ولا العقول.
إلهي يا من جل عن الشبيه والنظير، فـ {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
تعاليت يا رب في قدسك، فلا تعرف إلا بجلالك
وكمالك وعظمتك، ولا يرتد البصر الطامع في رؤيتك إلا خاسئا كليلا حسيرا.
وكيف يطمع أحد في رؤيتك وأنت الذي تقول: {
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ } [الأنعام: 103]؟
فتعاليت أن تدركك الأبصار، وكيف تدركك،
وهي لا تدرك إلا الأجسام والألوان والأحجام.. وأنت قد تعاليت على ذلك كله.
فأعوذ بك يا رب أن أقع في حجب الأوهام
والكثافة التي وقع فيها المحجوبون عنك وعن عظمتك، فراحوا يضعونك في قوالب الأجسام،
ويفرضون عليك ما يفرضونه على الأجسام من الحدود والقيود والأغلال.
أعوذ بك يا رب أن أتوهم لك المكان، وكيف
تحتاج إلى المكان، وأنت خالق المكان؟.. وكيف توصف بالجهات، وأنت خالق الجهات؟
ويل لهم أولئك الذين أوقعتهم الأوهام في
أغلال الجهات والأمكنة.. ألم يقرؤوا قولك، وأنت تصف نفسك: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ
مَا كُنْتُمْ } [الحديد: 4]؟
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 49