اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 97
يفرّق له بينهما بترك التزامه من قبل المبيِّن. وفي حديث عائشة: "إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به مخافة أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" [1]، "وكان يحب ما خفّ على الناس" [2].
وقصة إفطاره - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة بمرأى من الناس تصلح شاهداً لهذا الأصل.
وقام في رمضان ليلتين أو ثلاثاً، فقاموا خلفه حتى كثروا، فتركه بعد ذلك، حمله الخطابي [3] على معنى الترك بياناً لئلا يظن وجوبه.
4 - المكروه: بيانه ينقسم قسمين بحسب حال المبين له، كما تقدم في المندوب.
أ- فإن كان المبيّن له جاهلًا بأصل الحكم، فالبيان له يكون بالامتناع من الفعل، وإظهار كراهته، لتعلم. والترك في المكروهات هو الأصل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لمقتضى العصمة، كما سيأتي في مبحث الفعل البياني.
ب- وإن كان المكروه مظنّة اعتقاد لزوم الترك، كمن اعتقد المكروه محرماً أو خيف عليه أن يعتقد ذلك، فإن بيانه يكون بفعل المكروه. وسيأتي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يفعل المكروه بياناً لعدم تحريمه. وهذا الغرض هو المقصود هنا. وعندما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أناساً كرهوا [4] أن يستقبلوا بفروجهم القبلة قال: "أوَ قد فعلوها؟ حوِّلوا مقعدتي إلى القبلة" [5].
5 - المباح: بيان إباحته بفعله أحياناً وتركه أحياناً. ويتأكد الفعل إذا كان المباح مظنّة اعتقاد التحريم أو الكراهة، ويتأكد الترك إن كان مظنّة اعتقاد الوجوب أو الندب. وقد قال ابن مسعود: "لا يجعلنّ أحدكم للشيطان من نفسه جزءاً، لا [1] رواه البخاري 3/ 10 [2] رواه مالك في الموطأ من حديث عائشة (فتح الباري 10/ 525). [3] فتح الباري 3/ 10 [4] الكراهة هنا بمعنى التحريم. [5] رواه أحمد وابن ماجه، وقال النووي: إسناده حسن. وقال الذهبي حديث منكر (نيل الأوطار 1/ 95، 96).
اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 97