اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 93
المروزي الشافعي، وعن أبي الحسن الكرخي الحنفي [1]. ونقله السرخسي [2] عن (بعض المتكلمين)، وقال: "إن هذا منهم بناء على أصلهم أن بيان المجمل لا يكون إلا متصلاً به. والفعل لا يكون إلا منفصلاً عن القول". ثم قال: "فأما عندنا: بيان المجمل قد يكون متصلاً به، وقد يكون منفصلاً عنه".
وذكر البناني [3] أن محل الخلاف إذ لم يعلّق البيان بالفعل قولاً. وإلاّ فلو قال: القصد بما كلفتم به من هذه الآية ما أفعله، ثم فعله، فلا خلاف أنه بيان، كما ذكره القاضي (الباقلاني) في تقريبه.
أقول: فعلى هذا لا ينبغي أن يكون خلاف في أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع مثلاً، بيان لآية الأمر بالحج، لكونه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "خذوا مناسككم لعليّ لا أحجّ بعد حجتي هذه" [4].
وكذلك لما صلّى به جبريل لبيان أوقات الصلوات يومين متواليين، يصلي في اليوم الأول أول الوقت، وفي اليوم الثاني آخره، ثم قال: الوقت ما بين هذين.
أقول: وينبغي أن يحصر الخلاف أيضاً في الأفعال التي تدل بالأسوة، لا فيما يستعمل بمعنى المخاطبة، كالإيماء، والإشارة، فإنها قائمة مقام القول. كما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر: "ذبحت قبل أن أرمي" فأومأ بيده، قال: "لا حرج" [5].
وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجمعة ساعةً لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه" [6]. وأشار بيده يقللها. [1] انظر النقل عنهما في: إرشاد الفحول ص 173 [2] انظر: أصول السرخسي 2/ 27 [3] حاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 68 وقد جعل صاحب تيسير التحرير (3/ 175، 176) هذا النوع مما فيه الخلاف. وما قاله البناني والباقلاني أولى. [4] رواه مسلم 9/ 44 وهذا لفظه. ورواه النسائي 5/ 270 بلفظ يا أيها الناس خذوا مناسككم لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا. [5] رواه أبو داود (جامع الأصول 4/ 111). [6] رواه مالك وأحمد ومسلم (الفتح الكبير).
اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 93